وأوضح الأمين أنّ هناك لعبة تشاطر واضحة في النص، إذ يتحدّث الحزب عن تمييزٍ بين "حصرية السلاح" و"نزع السلاح"، معتبرًا أنّ هناك فرقًا بين المفهومين، "لكنه يتناسى أنّ اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه الحزب، ومن ثمّ وقّعته الدولة اللبنانية، يتناول بوضوح مسألة مَن يحقّ له حمل السلاح، أي الجهات الشرعية المخوّلة فقط بذلك".
وأضاف: "الحزب وافق على اتفاق وقف الأعمال العدائية، وهو اتفاق يمنح الولايات المتحدة، عبر اللجنة الخماسية، حق تفسير بنوده. بمعنى آخر، وافق الحزب على أن يكون من يسمّيه هو بـ'الطاغوت الأميركي' هو الجهة التي تفسّر الاتفاق وتحدّد خروقاته، وهذا تناقض فاضح مع خطابه السياسي".
وتوقّف الأمين عند ما وصفه الحزب في كتابه بأنه "مكوّن أساسي للبنان"، سائلاً: "متى كان حزب الله مكوّنًا مؤسسًا للبنان؟ هذه صفة تُطلق على الطوائف لا على الأحزاب. فإذا كان الحزب يقصد أنه يمثل الشيعة، فذلك قمّة الهذيان، لأنّ الحزب شيء والطائفة شيء آخر. والدليل أنه وجّه الكتاب أيضًا إلى الرئيس نبيه برّي، فهل يقول له إنه المؤسّس للبنان؟ واضح أنّ الحزب يخلط عمدًا بين نفسه والطائفة الشيعية، وكأنه يعتبر أنّ حزب الله هو الشيعة، وهذا تعميم خطير وتعسّف فكري".
ورأى الأمين أنّ "الكتاب يشكّل إعلان عجزٍ واعترافًا ضمنيًا من الحزب بأنّ الأمور تسير في اتجاهٍ معاكس لكل مواقفه السابقة. وهو، بتقديري، أيضًا إشارة إيرانية إلى رفض المسار القائم نحو تطبيق الاتفاق الذي ينصّ على أن تكون الدولة صاحبة الحصرية في السلاح".
وتابع: "أما التفاوض، فلا يحقّ لحزب الله أن ينتقده، لأنّ من أوصل لبنان إلى هذا الوضع الضعيف والهشّ هو الحرب الأخيرة التي خاضها الحزب وخسر فيها خسارة كبيرة، وهو يدرك نتائجها السياسية قبل غيره. فلا يمكن لمن جرّ البلد إلى الهزيمة أن يُعطي دروسًا في كيفية التفاوض أو في قرار السلاح، ولا أن يطلب من لبنان أن يكون دولة قوية فيما يعاند الولايات المتحدة وإسرائيل والمحيط الإقليمي. لبنان اليوم أمام تحدٍّ وجودي حقيقي".
وختم الأمين مشدّدًا على أنّ "الحزب لم يعلن الحرب على إسرائيل بل يعلنها على الدولة اللبنانية نفسها، على مبدأ حصرية السلاح تحديدًا. ومجرّد تمنّعه عن تنفيذ هذا المبدأ هو استدراجٌ للحرب، لأنّ لبنان اليوم أمام خيارين: إمّا أن يكون دولة ذات سيادة وقدرة على اتخاذ القرار والتفاوض، أو أن يبقى في حالة ازدواجية تُضعف موقفه وتُعطي إسرائيل مبرّرات إضافية لشنّ عدوانٍ جديد مغطّى دوليًا وأميركيًا وربما إقليميًا وأوروبيًا أيضًا".