المحلية

الشرق الأوسط
الجمعة 07 تشرين الثاني 2025 - 21:24 الشرق الأوسط
الشرق الأوسط

بين مصر وإيران... "حزب الله" يرسم خريطة تفاوض جديدة

بين مصر وإيران... "حزب الله" يرسم خريطة تفاوض جديدة

تجمع الأوساط السياسية اللبنانية على أنّ "حزب الله" أراد من كتابه المفتوح الموجّه إلى رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام، أن يعبّر عن رفض غير مباشر للأفكار التي طرحها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، والتي يُعتقد أنها تمهّد لمبادرة مصرية جديدة لتحريك المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية وإخراجها من حالة الجمود التي تواجهها لجنة "الميكانيزم" المشرفة على تطبيق وقف الأعمال العدائية.


وبحسب مصدر وزاري للشرق الأوسط، فإن الحزب أبلغ الجانب اللبناني رده على الأفكار المصرية الثلاثاء الماضي قبل أن يُدرجه لاحقاً في كتابه المفتوح، متهماً الحكومة بارتكاب "خطيئة" نتيجة استعجالها في الموافقة على تطبيق مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة.


وكشف المصدر أنّ الحزب استبق إصدار كتابه المفتوح بإيداع رده لدى الجهات اللبنانية الرسمية، معتبراً أنه لا حاجة للدخول في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل، طالما أن وقف الأعمال العدائية منصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار الذي ترعاه اللجنة الخماسية، وقد التزم به لبنان منذ 27 تشرين الثاني 2024 فيما امتنعت إسرائيل عن تطبيقه.


وأشار المصدر إلى أنّ الحزب استند في موقفه إلى ما يجري في غزة بعد الحرب، حيث تواصل إسرائيل عدوانها رغم إعلان وقف إطلاق النار، معتبراً أن هذا الواقع يُسقط أي ضمانات يمكن الركون إليها في لبنان. وتساءل الحزب في رده، الذي سلّمه إلى الجانب اللبناني، عن الجهة التي تضمن عدم انزلاق لبنان إلى مفاوضات سياسية مع إسرائيل في ظلّ موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يقف شاهداً على استمرار العدوان الإسرائيلي في غزة.


ورأى المصدر الوزاري أنّ الحزب، من خلال كتابه، يسعى إلى شراء الوقت بانتظار تحوّلات إقليمية ودولية قد تتيح لإيران الانخراط كشريك في المفاوضات حول الجنوب اللبناني، في محاولة للتعويض عن تراجع نفوذها في المنطقة، رغم إدراك الحزب صعوبة تحقق ذلك في المدى المنظور. وأشار إلى أنّ الحزب يخشى استنساخ تجربة غزة على الواقع اللبناني، من خلال مؤتمر دولي برعاية أميركية – مصرية شبيه بذلك الذي عُقد في شرم الشيخ عقب الحرب هناك.


ولفت المصدر إلى أنّ الحزب اختار توقيتاً سياسياً حساساً لتوجيه كتابه، إذ تزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء التي ناقشت التقرير الثاني لقائد الجيش العماد رودولف هيكل حول تطبيق خطة حصرية السلاح في جنوب الليطاني. وافتتح وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي النقاش داخل الجلسة، داعياً إلى إصدار بيان حكومي يرد على كتاب الحزب الذي يتعارض مع البيان الوزاري الذي شارك الحزب في إقراره.


لكن الرئيس جوزيف عون تدخّل قائلاً إنّه سيتولّى الرد شخصياً على الكتاب بصفته رئيس الجلسة، مؤكداً عدم الحاجة إلى بيان وزاري جديد لتجنّب إدخال الجلسة في سجال سياسي. وقد أدى موقفه إلى طيّ النقاش في المجلس.


وخلال الجلسة، جدّد الرئيس عون التزام لبنان بتطبيق حصرية السلاح، معتبراً أنّ ما قامت به إسرائيل في الجنوب يُعدّ جريمة مكتملة الأركان تتكرّر كلما عبّر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلمي، لإظهار رفضها لأي تسوية تفاوضية. وأضاف قائلاً: "رسالتكم وصلت"، في إشارة إلى التصعيد الإسرائيلي الأخير.


وأكّد عون أنّ تقرير العماد هيكل نال تأييد مجلس الوزراء، نافياً ما تردّد عن نية الجيش وقف عملياته في جنوب الليطاني إلى حين انسحاب إسرائيل من التلال التي تحتلها. وأوضح أنّ الوحدات العسكرية تواصل مهامها بمؤازرة قوات "اليونيفيل" لتطبيق خطة حصرية السلاح، على أن يمتدّ تنفيذها تدريجياً نحو شمال الليطاني وسائر المناطق اللبنانية. ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للالتزام بالاتفاقات.


وأكّد المصدر الوزاري أنّ القصف الإسرائيلي الأخير على بلدات جنوبية حمل أبعاداً سياسية واضحة، وجاء رداً على كتاب الحزب في محاولة للضغط على الحكومة اللبنانية لتسريع تنفيذ بند نزع السلاح.


في المقابل، أثار كتاب الحزب تساؤلات داخلية عدّة، أبرزها موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي طالما عُهد إليه إدارة ملف الجنوب والمفاوضات مع إسرائيل. وأشارت الأوساط السياسية إلى أنّ الحزب أراد التمايز عن بري في هذه المرحلة، رغم أنّ الشيخ نعيم قاسم كان قد وصف بري سابقاً بأنه "الأخ الأكبر".


وأوضحت المصادر أنّ الحزب تفرّد بموقفه الأخير خلافاً للنهج الذي اعتمده في تفويض بري مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، والتي أفضت إلى وقف إطلاق النار، مشيرة إلى أنّ قيادة حركة أمل ونوابها تجنّبوا التعليق على الكتاب، ما فُسّر على أنه صمت مقصود بانتظار موقف رسمي من بري.


في المقابل، أكّدت مصادر قريبة من الثنائي الشيعي أنّ الحزب اختار التفرّد في موقفه بعد إعلان بري أنّ لجنة "الميكانيزم" هي الجهة الوحيدة المخوّلة إدارة المفاوضات، ويمكنها الاستعانة بخبراء إذا لزم الأمر.


وأضافت المصادر أنّه كان من الأنسب للحزب استخدام قنوات التواصل القائمة مع الرئيس عون بدلاً من توجيه كتاب علني، خصوصاً أنّ الحوار بين الطرفين لم ينقطع ويتولّاه العميد المتقاعد أندريه رحال، بينما يستمر التنسيق بين عون والنائب محمد رعد عبر لقاءات مباشرة أو رسائل غير معلنة.


وسألت هذه المصادر ما إذا كان كتاب الحزب مؤشراً على تباين في المواقف بينه وبين الرئيس عون حيال الدعوة إلى التفاوض السلمي، ولا سيما أنّ عون كان قد دعا إلى الحوار قبل أسبوعين دون تجاوب من الحزب، إلى أن فاجأ الأوساط السياسية بكتابه العلني بدلاً من تفويض بري مجدداً نقل هواجسه إلى الرئاسة.


وفي السياق ذاته، برز تمايز واضح في موقف بري الذي لم يدعم تحريك الشارع ولم يواكب موقف الحزب من غزة، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الحزب يسعى لإشراك إيران في المفاوضات.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة