في جريمة جديدة تعكس الوجه الحقيقي للعنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، كشفت وسائل إعلام عبرية عن لائحة اتهام قدّمتها النيابة الإسرائيلية ضد شابين يهوديين من سكان مدينة "نوف هجليل" شمال فلسطين المحتلة، بعدما أقدما على اختطاف طفل فلسطيني يتسوّل في شوارع الناصرة، وتهديده بسلاح حاد وسرقته تحت التهديد.
الواقعة التي وُثّقت بالفيديو وأثارت صدمة في الداخل، تكشف عن سلوك وحشي طال طفلًا أعزل لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، كان يسعى لتأمين قوت يومه عبر بيع القدّاحات عند أحد المفترقات. ووفق التحقيقات الإسرائيلية، فإن الشابين — أدهام نعراني (21 عامًا) وقاصر آخر — نصبا كمينًا للطفل قرب مخبز "زعتر" في مدينة الناصرة بتاريخ 27 تشرين الأول، ثم اقتاداه بالقوة إلى داخل سيارتهما، وانهالا عليه بالتهديد والترويع.
وبحسب لائحة الاتهام، وجّه أحد المجرمين مفكًا إلى عنق الطفل وأجبره على تسليم ما يملك من نقود — نحو 50 شيكلًا فقط — قبل أن يواصلا جريمتهما باقتياده إلى مكان آخر حيث يوجد أطفال فلسطينيون آخرون يعملون في بيع السلع البسيطة، ليسلباهم أيضًا حقيبة تحتوي على أكثر من 1,000 شيكل وعدد من العملات الأجنبية، وسط تهديدات بالعصي ورذاذ الغاز.
وتحاول الشرطة الإسرائيلية تقديم الحادثة على أنها "عمل إجرامي فردي"، في وقت يرى ناشطون وحقوقيون أنها تعبّر عن بيئة من الكراهية الممنهجة ضد الفلسطينيين، إذ تُعامل حتى الأطفال منهم كغرباء بلا حماية، وتُترك جرائم كهذه لتُطوى في أروقة القضاء دون محاسبة حقيقية.
اللافت أنّ الطفل الفلسطيني، الذي يفترض أن يكون ضحية تُحاط بالرعاية، لم يُقدَّم له أي دعم أو حماية، بل جرى التعامل مع القضية كملف جنائي عادي، في حين يواصل مئات الأطفال الفلسطينيين عبور الحواجز يوميًا بحثًا عن لقمة العيش داخل المدن الإسرائيلية، وسط صمت رسمي مريب وتواطؤ من أجهزة الأمن التي تغضّ الطرف عن استغلالهم اليومي.
تجسّد هذه الجريمة الصغيرة، في تفاصيلها، ملامح الجريمة الكبرى المستمرة منذ عقود: منظومة تمييز واستقواء تمارسها إسرائيل ضد كل ما هو فلسطيني، حتى حين يكون الضحية طفلًا ضعيفًا لا يحمل سوى علب الكبريت بين يديه.
ويبقى السؤال الأخلاقي مفتوحًا: كم طفلًا فلسطينيًا يجب أن يُهان أو يُختطف أو يُقتل حتى تعترف إسرائيل بأن المشكلة ليست في "الأفراد المنحرفين"، بل في عقلٍ استعماريٍّ لا يرى في الفلسطيني سوى هدفٍ قابلٍ للإذلال؟