"ليبانون ديبايت"
أكّد الكاتب والمحلّل السياسي وجدي العريضي أنّه "إذا أردت أن تعرف ماذا جرى في واشنطن خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، فعليك أن تدرك ما سيحصل في لبنان لاحقًا. إنها المفاوضات ثم المفاوضات".
وأشار إلى أنّ الأجواء تُظهر وجود معلومات تؤكّد أنّ السفير الأميركي الجديد في لبنان، الذي سيصل خلال اليومين المقبلين، ميشال عيسى، يحمل معه ملفًا كاملًا متكاملًا وأجندة واضحة من الإدارة الأميركية تتعلّق بالملف اللبناني برمّته، ولا سيما موضوع حصرية السلاح والإصلاح، والأهم المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، "إذ لم يعد هناك فرق كبير بين ما هو مباشر وما هو غير مباشر".
وأضاف العريضي أنّ زيارة الشرع فتحت الباب أمام المفاوضات، وبالتالي ثمة تناغم تاريخي بين لبنان وسوريا أيًّا كان الحاكم في كلا البلدين، لا سيما في سوريا. وبمعنى آخر، "بعد التطبيع أو المفاوضات بين دمشق وتل أبيب، فإنّ ذلك سينسحب على لبنان".
ولفت إلى أنّ حزب الله، الذي يرفض المفاوضات وكان قد أصدر بيانًا تضمّن انتقادًا للرؤساء الثلاثة، هو نفسه أول من فاوض إسرائيل عبر الألمان، ثم عبر الوساطة الأميركية خلال الترسيم البحري. إلا أنّ إيران كانت خلف هذا البيان، وهي تسعى إلى تأخير المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية، وتستخدم ورقة حزب الله بعدما فقدت معظم أوراقها في المنطقة، من سوريا إلى العراق إلى غزة.
وأوضح أنّه لا توجد حرب شاملة في الأفق، لكن التصعيد سيزداد وقد يشمل أي منطقة في لبنان قبل زيارة قداسة البابا ليون الرابع عشر إلى بيروت. وبالتالي، هناك قرار إسرائيلي متّخذ وبغطاء أميركي غير مسبوق، ولذلك هناك سباق محموم بين التصعيد الميداني والمفاوضات.
وأشار إلى أنّ هذا التصعيد يأتي في سياق الضغط على الدولة اللبنانية وعلى حزب الله من أجل الدخول في المفاوضات والإسراع في خطة حصرية السلاح، متسائلًا: "ماذا يُطلب من الجيش اللبناني أكثر من ذلك؟ فهو يلاحق الممنوعات ويُحبط تهريب المخدرات والكبتاغون، ويداهم في البداوي وشاتيلا، ويُؤمّن الأمن والاستقرار في كل المناطق اللبنانية. فهل هو الجيش الصيني؟ كل ذلك يجري في ظل ظروف اقتصادية تزداد سوءًا".
أما في ما خصّ الانتخابات النيابية، فأوضح العريضي أنّ الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين، إمّا تأجيل الانتخابات لسنتين، أو إجراؤها في موعدها، فهذه هي الخيارات المطروحة. لكن الانتخابات ستُجرى وفق ما يُصرّ عليه الرؤساء وتمسّكهم بهذا المنحى، إلا أنّ واشنطن لم تقل كلمتها بعد، وكذلك باريس والسعودية وسواهما، بانتظار الأيام القليلة المقبلة.
وأضاف أنّ ملامح التحالفات بدأت تظهر في بيروت، إذ تشير الأجواء إلى أنّ تيار المستقبل، ومن خلال الرئيس سعد الحريري، على الأرجح لن يشارك في الانتخابات. وهناك حضور لافت للنائب نبيل بدر، الذي يُعتبر من الأقوى وفق الاستطلاعات، وكل ما يحيط به من محللين وسواهم، نظرًا لدوره وحضوره.
وأوضح أنّ الأمر نفسه ينسحب على طرابلس، حيث كان هناك كلام واضح من النائب إيهاب مطر، إذ قال: "من له ماضٍ أسود لا يمكن أن يكون له حاضر أو مستقبل". وبالتالي، فإنّ النائب مطر يتحرّك مع شباب طرابلس وكل شرائح المجتمع الطرابلسي، وله دوره وحضوره اللافتان.
كما أشار إلى أنّه في عكّار، يواصل النائب وليد البعريني تحرّكه في مختلف الاتجاهات، والرجل له خدماته وحضوره المعروفان.
وأكّد أنّه في بعبدا، وبعد الهزة التي شهدها التيار الوطني الحر واستقالة أربعة نواب، فإنّ الاتجاه يشير إلى ترشيح التيار – وقد بات شبه مؤكد – لفادي أبو رحال، الذي له حضوره ودوره وخدماته في المنطقة.
وبيّن العريضي أنّه على صعيد الجبل، فإنّ التحالف الإرسلاني – الجنبلاطي واضح، وإن كان لكل طرف لائحته، ولا تزال الأمور غير واضحة المعالم بالكامل، فيما هناك توجّه لتحالف النائب مارك ضو مع حزب الكتائب، إذ يتحرّك ضو في كل الاتجاهات ومع مختلف مكوّنات الجبل، سواء على صعيد المشايخ أو سائر القوى.
وأضاف أنّ رجل الأعمال الإماراتي الشيخ خلف أحمد الحبتور كان مُحقًا في ما قاله عن لبنان، إذ رسم خارطة طريق تُفضي إلى ما أكّده الموفد الأميركي توماس باراك بأنّ لبنان دولة فاشلة، بمعنى أنّه ليست هناك مؤسسات فاعلة، وأنّ الفساد لا يزال مستشريًا في بعض الأماكن، إضافة إلى أمور أخرى تتعلّق بتبييض الأموال وغسلها والكبتاغون والتهريب. وبالتالي، يجب أن تكون هناك دولة كما قال الحبتور الذي يُقدّره كل اللبنانيين على حدّ سواء.
وأشار إلى أنّه على صعيد الحراك الحكومي، فإنّ الحكومة تقوم بدورها ضمن الإمكانات المتاحة، ويجب دائمًا تسجيل الحضور والدور والدينامية التي يتمتّع بها وزير الأشغال والنقل فايز رسامني، الذي بات مدار إعجاب كل السياسيين واللبنانيين، نظرًا لدوره ووطنيته، حيث يتحرّك بعيدًا عن الاستنسابية والطائفية والمذهبية، بل يعمل لكل لبنان، وإنجازاته باتت على مساحة الوطن، من المطار إلى المرافئ إلى الطرق والجسور وكل ما يرتبط بالبنى التحتية.
وختم العريضي مؤكدًا أنّ لقاء المصيلح كان واضحاً، بمعنى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يشدّد على إعادة الإعمار ضمن الإمكانات المتاحة، فمجلس الجنوب يقوم بدوره عبر رئيسه المهندس هاشم حيدر في بناء المستشفيات والمدارس والمؤسسات ضمن الإمكانات المتوفّرة، لأنّ مشروع إعمار الجنوب يحتاج إلى مبالغ هائلة، وهذا مرتبط بقرار سياسي دولي وإقليمي كبير. لكن المجلس يتحرّك ويعمل ضمن الإمكانات المتاحة إلى أقصى حدّ.