في 13 تشرين الأول، تابع الإسرائيليون عبر الشاشات خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الكنيست معلنًا نهاية الحرب على غزة وعودة آخر الأسرى الإسرائيليين، قائلاً: "هذه ليست مجرد نهاية حرب، بل نهاية عصر من الرعب والموت، وبداية عصر من الإيمان والأمل."
وبينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقف إلى جانب ترامب بابتسامةٍ باهتة، اعتبر محللون تلك اللحظة انتصارًا سياسيًا مفاجئًا لرجلٍ كان يُتوقع سقوطه بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول 2023.
وفي تحليل موسّع نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، كتب ألوف بن، رئيس تحرير صحيفة هآرتس، أنّ "قليلين فقط كانوا يعتقدون أنّ نتنياهو سيبقى في السلطة بعد عامين من الهجوم، فضلًا عن أن يتلقى الثناء من رئيس أميركي".
يرى بن أنّ نتنياهو، الذي نفى تحمّله أي مسؤولية عن فشل إسرائيل في منع الهجوم، سعى إلى تحميل الجيش وأجهزة المخابرات اللوم بالكامل، وبدل الاستقالة كما فعلت غولدا مائير بعد حرب 1973، أطال أمد الحرب في غزة لتثبيت حكمه رغم الخسائر الفادحة والضغط الدولي.
وفيما أجبره ترامب لاحقًا على قبول وقف النار، كان نتنياهو منهمكًا بالتخطيط لمعركته التالية: الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في 2026، والتي قد تُقدّم إلى حزيران المقبل.
يضيف التقرير أن نتنياهو يحاول تحويل إسرائيل إلى نظام سلطوي عبر السيطرة على القضاء والإعلام وأجهزة الدولة، مشيرًا إلى أنّه "يسعى لاستخدام الحرب لتعزيز مكانته الشخصية، والتخلص من التهم الجنائية ضده".
ويشير بن إلى أنّ "نتنياهو بات يقود حملة لتجريد القضاء من استقلاليته، وتحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات طيّعة بيده، محاولًا إقناع الجمهور بأن حرب غزة كانت نصرًا شخصيًا له".
رغم تراجع شعبيته، فإن استطلاعات الرأي تُظهر أنّ ائتلاف نتنياهو ما زال قادرًا على الصمود. ففي ديسمبر 2023، بعد شهرين من هجوم حماس، تراجع الدعم له إلى 44 مقعدًا من أصل 120، لكنه عاد إلى 52 مقعدًا بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عام 2024.
ويشرح الكاتب أنّ هذا التماسك النسبي يعود إلى تفكك المعارضة الإسرائيلية، التي تتفق على رفض نتنياهو لكنها منقسمة أيديولوجيًا وغير قادرة على تشكيل بديل موحد.
يرى التقرير أنّ استراتيجية "فرق تسد" هي سلاح نتنياهو المفضّل، إذ يستغل الانقسامات الداخلية ليبقى على رأس الحكم. ويستفيد من سلطاته كرئيس حكومة لتأجيل الانتخابات، وشنّ جولات عسكرية جديدة، وتوزيع الامتيازات المالية على الناخبين.
ويعتبر المحلل أنّ نتنياهو سيخوض انتخابات 2026 كاستفتاء على مستقبله الشخصي، في مواجهة خصمه الأبرز نفتالي بينيت، الذي قد يرفع شعار: "نتنياهو يفرّق... وأنا أوحّد."