"ليبانون ديبايت"
في توقيت يُفترض أن تطغى فيه لغة التهدئة وتماسك الصفوف داخل الجسم النقابي، اختار المرشّح لمنصب نقيب المحامين، المحامي إيلي بازرلي، أن يوجّه رسالة SMS قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع لانتخاب ثمانية أعضاء في مجلس النقابة ونقيب جديد. غير أنّ الرسالة، التي كان يمكن أن تمرّ كخطوة انتخابية اعتيادية، تحوّلت سريعًا إلى مصدر امتعاض واستياء واسعَين بين المحامين، بعدما حملت نبرة سلبية واضحة تحت غلافٍ من العبارات المنمّقة والدعوات المبطّنة.

فالدعوة إلى انتخاب “نقيب مهني، موزون، محب وحازم” بدت لعدد كبير من المحامين وكأنها لا تهدف إلى تقديم رؤية، بل إلى إطلاق صفات تفاضلية تنطوي على تشكيك صريح بغيره من المرشحين. لم تُفهم الرسالة كترويج ذاتي، بل كضربة موجّهة إلى المنافسين تلامس حدود الاتهام. وهكذا شعر كثيرون ممن قرأوا الرسالة بأنّها تنطوي على مسّ بكرامتهم المهنية، وأنّها تتجاوز قواعد السجال التي أرستها نقابة المحامين عبر تاريخ طويل من الرصانة والاحترام المتبادل.
وزاد من حدّة التساؤلات ما تردّد داخل بعض الأوساط النقابية حول الجهة التي قصدها بازرلي في رسالته: هل كان يخاطب النقيب الحالي مباشرةً؟ أم أنّ الرسالة صيغت لاستهداف خصمه الأساسي في السباق؟ هذا الغموض فتح الباب أمام تأويلات واسعة، وعمّق الانطباع بأنّ الخطاب موجّه لشخص محدّد لا لعموم المحامين.
واعتبر عدد كبير من المحامين أنّ بازرلي تخلّى عن الخطاب المهني المتوقَّع من مرشّح لمنصب بهذا الحجم، ولجأ إلى “تذاكٍ انتخابي” خاسر مسبقًا، لأنّه يضرب أساسًا في صميم فكرة النقابة: احترام الزمالة، وحماية سمعة المهنة.
فالمنافسة على منصب نقيب المحامين تقوم على طرح برامج واضحة، وقدرة على الإقناع، وخطاب يليق بمؤسسة تُعدّ من الأكثر حساسية في لبنان. أمّا استخدام أسلوب المقارنات الضمنية والرسائل الجارحة، فهو يضع صاحبها في مربّع لا يشبه التقاليد النقابية ولا يعبّر عن رؤية قيادة، بل عن ارتباك سياسي ومحاولة للتعويض بالنبرة بدل المضمون.
وإذا كان بازرلي أراد عبر رسالته أن يقدّم نفسه بصورة المرشّح الحازم القادر على “التغيير”، فإنّ انعكاس الرسالة جاء معاكسًا تمامًا: اهتزاز في صورته، وانزعاج داخل الجسم النقابي، وشعور بأنّ حملته الانتخابية تسير بخطوات لا تحمل سمات الثقة.