وفي هذا الإطار، قدّم الخبير الاقتصادي الدكتور أنيس بو دياب قراءة تفصيلية لـ"ليبانون ديبايت"، معتبرًا أنّ المؤتمر كان "جيدًا بشكل عام"، سواء من حيث الحضور أو نوعية المشاركين.
وأشار إلى أنّ 150 شخصية أجنبية واغترابية شاركت في المؤتمر، تمثّل شركات أساسية وتملك قدرات مالية كبيرة، لافتًا إلى التنوع الواضح في القطاعات بين السياحة والصناعة والإنشاءات والاستثمار في البنى التحتية (المرفأ والمطار...)، وصولًا إلى التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي وغيرها.
وكشف بو دياب أنّه جرى خلال المؤتمر إطلاق إحصاء سريع قدّمته إحدى الشركات اللبنانية الأساسية، أظهر استعداد نحو 160 شركة محلية وأجنبية واغترابية للاستثمار في 15 قطاعًا إنتاجيًا، وبقدرة مالية تتجاوز 2.5 مليار دولار، وفق ما عرضته اللوحات الإلكترونية خلال الجلسات.
لكن رغم المؤشرات الإيجابية، شدّد بو دياب على أنّ "المؤتمر وحده لا يعيد ثقة المستثمرين اللبنانيين أو العرب"، مؤكدًا أنّ الإجراءات والإصلاحات هي الركيزة الأساسية لاستعادة الثقة.
وأضاف: "المؤتمر يعرض الفرص، لكن جذب المستثمرين يحتاج إلى بيئة عمل واضحة، وتسهيل الإجراءات، وخطوات عملية لتحسين الأداء الاقتصادي".
ورأى أنّ إعادة تنظيم القطاع المصرفي تأتي على رأس الإصلاحات الضرورية، باعتباره المدخل الرئيسي لأي استثمار. وقال: "لا استثمار من دون تمويل، والتمويل مرتبط مباشرة بقطاع مصرفي سليم. قد تكون التجارة ناشطة والسياحة جيدة، لكن التوسّع في القطاعات الإنتاجية يحتاج إلى تمويل فعلي".
وأشار بو دياب إلى أنّ رئيس الحكومة أوضح خلال الجلسة الحوارية الختامية أنّ قانون الفجوة المالية سيصبح جاهزًا قريبًا لإقراره في مجلس النواب، معتبرًا أنّ ذلك يشكّل خطوة أساسية في مسار إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
وفي السياق نفسه، اعتبر أنّ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يشكّل ضرورة للإصلاح، موضحًا: "نحن ذاهبون إلى الاتفاق مع الصندوق لأننا بحاجة إلى الإصلاحات المطلوبة. هذه الإصلاحات ليست خارجية فقط، بل هي ضرورية محليًا قبل أي شيء".
وحول ملف حصرية السلاح، أشار بو دياب إلى أنّ العديد من الدول، وبينها دول عربية وخليجية، تعتبر هذا الملف جزءًا من معايير بسط الدولة سيادتها على أراضيها. لكنه أوضح أنّ هذا العامل "لا يعطّل الاستثمار إذا تمّ الاتفاق على جدولته". وتابع: "ليس المطلوب حلّ الملف بالكامل قبل الاستثمار. وجود جدولة واضحة، محلية ومتوافق عليها ومدعومة عربيًا ودوليًا، يعطي إشارة إيجابية ويُشجّع على بدء الاستثمارات".
وختم بو دياب بالتأكيد على أنّ إعادة تنظيم القطاع المصرفي والاتفاق مع صندوق النقد يشكّلان اليوم "العنصرين الأكثر أهمية" في مسار النهوض الاقتصادي وجذب رؤوس الأموال، معتبرًا أنّ ما ظهر في "بيروت وان" يمكن أن يكون خطوة أولى… لكن الطريق الحقيقي يبدأ بالإصلاح.