ذكر موقع "Peace Research Institute Oslo" النرويجي أنّ حجم الحرب المتعددة الجبهات الهادفة إلى "نزع سلاح حزب الله وحلّه" يبدو مثيراً للدهشة، نظراً لعدم التوازن الشديد في ميزان القوى بين الأطراف المشاركة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّ الأكثر لفتاً هو قدرة الحزب على الصمود في وجه حرب متواصلة يشنّها عليه "أعداء أقوياء يسعون إلى تدميره بالكامل".
وأوضح التقرير أن الحرب العدوانية الأخيرة التي شنّتها "إسرائيل" على لبنان بهدف "تدمير حزب الله"، والتي استمرّت رغم وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، تُعدّ أحدث حلقات التصعيد في حرب طويلة يشنّها الكيان الإسرائيلي وحلفاؤه الغربيون باستخدام وسائل سياسية واقتصادية وقانونية وعسكرية لإخضاع لبنان واستهداف المقاومة.
وأشار الموقع إلى أنّ الباحثين قدّموا تفسيرين أساسيين لسرّ قوة حزب الله: الأول ينسب ذلك إلى العمليات السرّية التي ينفّذها الحزب، فيما يرى الثاني أن قوته مرتبطة باندماجه داخل مؤسسات الدولة اللبنانية. ووفق التقرير، فقد تمكن الحزب من الدفاع عن فكرة المقاومة السياسية، مع المحافظة على توازن دقيق بين عمله داخل الدولة وخارجها، ضمن ما يصفه الباحثون بـ"التحوّط المقلَّد".
وأفاد الموقع بأن هذا "التحوّط المقلَّد" يمثّل ردّ الحزب على محاولات الولايات المتحدة و"إسرائيل" استخدام القانون الدولي والمؤسسات الدولية، ومنها مجلس الأمن، لفرض "نموذج من السيادة اللبنانية يتوافق مع الرؤية الأميركية – الإسرائيلية ولا يترك للحزب أي مجال"، مشيراً إلى أنّ الحزب قلب الطاولة عبر استخدام المعايير نفسها للدفاع عن المساواة السيادية والسلامة الإقليمية للبنان، وأصبح في بعض الأحيان المدافع الوحيد عن هذه المبادئ في مواجهة انتهاكات القوات الإسرائيلية المدعومة أميركياً.
كما رأى التقرير أن العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، المدعوم أميركياً، والذي أسفر عن نحو 2720 شهيداً من المدنيين وتدمير واسع للبنى المدنية، يعكس تغييراً كبيراً في السياسة الأميركية تجاه لبنان، ويُعدّ خطوة إضافية في تدمير النظام القانوني الدولي.
وأضاف الموقع أنّ "إسرائيل"، بدعم أميركي، استخدمت أساليب وصفها بـ"الإرهابية"، شملت تفجير أجهزة النداء والاتصالات في أماكن مدنية، وعمليات اغتيال، وقصفاً ممنهجاً لمناطق مكتظّة بالسكان، في تصعيد يتجاوز ما شهدته حرب عام 2006.
وختم التقرير بالإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة، بعد عقود من استخدام ما يُعرف بـ"الحرب القانونية" ضد حزب الله، انتقلت عملياً إلى الخروج من النظام القانوني الدولي لمصلحة "ضباب من الفوضى" بهدف إخضاع لبنان وغيره في المنطقة عبر القوة والإملاءات، معتبراً أنّ نجاح الحرب الأميركية – الإسرائيلية في القضاء على حزب الله، إن حصل، فلن يكون بفضل المؤسسات الدولية، بل نتيجة انهيارها الكامل.