دعا بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، بشارة الراعي، في حديثٍ إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، الأميركيين إلى الضغط على إسرائيل لـ"وقف استباحتها للبنان"، متوقّعًا أن تحمل زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان "رسالة سلام وتشجيعًا على تجنّب الحرب" موجّهة للبنانيين والإسرائيليين معًا.
وفي المقابل، دعا الراعي "حزب الله" إلى "التحرّر من إيران" وتسليم السلاح والانخراط في العمل السياسي، مؤكدًا أنّ هذا الطرح "لا يستهدف الشيعة الذين نعيش معهم في وطن واحد هو ملك للجميع".
ورأى الراعي أنّ زيارة البابا المقرّرة يوم الأحد "تعبّر عن محبّته للبنان"، مشيرًا إلى أنّ الزيارة تحمل رسالة إلى الرأي العام العالمي بأن "لبنان وُلد من جديد"، في ظلّ الحضور الإعلامي الدولي الواسع الذي سينقل الصورة إلى العالم على مدى يومي الزيارة. وأكّد أنّ البابا "يدرك قيمة لبنان الحضارية وميزته في الشرق الأوسط".
وأضاف أنّ الرسالة الأساسية للزيارة موجّهة للبنانيين: "أنا معكم… تشجّعوا وحافظوا على أرضكم، فلبنان أرض السلام وليس أرض الحروب".
وشدّد الراعي على أنّ الزيارة "زيارة سلام"، وأنّ البابا أصرّ عليها رغم "التهديدات الإسرائيلية"، موضحًا أنّ "قداسة البابا رجل صلاة يعرف قيمة لبنان، ويدرك وجود خطر الحرب، ومع ذلك أكّد إصراره على الزيارة". وأشار إلى أنّ البابا "لا يأتي إلى لبنان فقط، بل إلى كل الدول العربية"، حاملاً رسالة تقول: "كفى حروبًا وقتلًا ودمارًا".
وتابع الراعي: "منذ 50 سنة نعيش الحروب… آن الأوان لتنتهي. لم تقدّم الحرب سوى الدمار والقتل، كما حصل في الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل". وسأل: "من يملك الحق في وضع حدّ لحياة إنسان؟". معتبرًا أنّ هذه الممارسات "غير مقبولة لدى الكنيسة".
وفي الحديث عن الأزمة الراهنة والتهديدات الإسرائيلية، قال الراعي إنّه "لا مجال للحرب والقتل"، وإنّ "الدبلوماسية هي السبيل الوحيد"، مؤيّدًا المساعي التي يبذلها الرئيس اللبناني جوزيف عون لمعالجة الأزمة سياسيًا ودبلوماسيًا.
وشدّد على أنّ على الأميركيين "التأثير على إسرائيل"، وعلى الإيرانيين "التأثير على حزب الله"، إضافة إلى وجود "قرار نهائي بحصرية السلاح" وعلى الحزب "تسليم سلاحه للجيش اللبناني". وذكّر بأنّ إسرائيل "لم تلتزم القرار 1701" وتواصل "الضرب يوميًا وكأنّ لبنان مقاطعة".
ورجّح أن يوجّه البابا "نداء سلام واضح"، قائلًا: "المرجَلة ليست بإطلاق النار، بل بأن تكون رجل سلام". معتبرًا أنّ السلام لن يتحقّق إلا بانسحاب إسرائيل من الجنوب وتمكين الجيش من بسط سلطته وتسَلُّم السلاح وفق الخطة الموضوعة.
وأشار إلى أنّ أمانة سرّ الفاتيكان "توافق على هذا التوجّه"، لافتًا إلى أنّ الظرف "المهدِّد بالحرب" كان أحد أسباب إصرار البابا على زيارة لبنان.
وأكّد الراعي أنّ المسؤولية لا تقع على الرئاسة والحكومة فقط، بل على جميع القوى السياسية، داعيًا إلى "وقف النار ووقف صبّ الزيت على النار". وشدّد على أنّ السلام "واجب جماعي"، وأنّ لبنان "بلد ديمقراطي، والديمقراطية لا تعني العداوة". ودعا الأحزاب إلى "تغيير نمط التفكير والممارسة".
وردًّا على تصوير مطلب حصرية السلاح كاستهداف للطائفة الشيعية، قال الراعي: "أنا متعجّب… لماذا يعدّ الشيعة أنفسهم مستهدفين؟". وسأل: "من يستهدفهم؟". موضحًا أنّ الشيعة "موجودون في الإدارات والوزارات"، متسائلًا: "هل يعدّون أنفسهم مستهدفين لأنّه يُطلب منهم تسليم السلاح؟".
وأكّد أنّ لبنان "فسيفساء متوازنة"، وأنّ الشيعة "إخوتنا ونحن إخوتهم"، وأنّ "لبنان بيت مشترك للجميع".
وردًّا على تصريح لمسؤول إيراني قال إن حزب الله وسلاحه "حاجة للبنان"، شدّد الراعي على أنّ "الأمن يوفره الجيش اللبناني لا السلاح خارج الدولة"، محذّرًا من "الدويلات داخل الدولة".
وأضاف: "تسليم السلاح لا يعني العزلة، بل هو خطوة نحو دولة واحدة تحمي الجميع".
وعن الأزمة السياسية، قال الراعي إنّ لبنان "يحتاج إلى الاستقرار السياسي للنهوض"، مشيرًا إلى أنّ المشكلة في "ضعف الولاء الوطني"، معتبرًا أن "إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية كان خطأ". وقال: "خدمة العلم تزرع الانتماء… كيف يكون هناك ولاء بلا خدمة العلم؟".
وأضاف أنّ التربية تبدأ من المدارس والعائلات والجامعات، لكن "تتكرّس بخدمة العلم التي تُشعر