أفادت مصادر مطّلعة بأنّ التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين باشر العمل على خطة لإعادة هيكلة واجهاته التنظيمية عبر إنشاء كيانات بديلة تبدو ظاهريًا غير مرتبطة بالجماعة، مع الدفع بقيادات جديدة لتولّي إدارة هذه الكيانات، على أن يكون هؤلاء غير منتمين رسميًا للتنظيم لكن خاضعين لسيطرته المباشرة. وتأتي الخطوة بعد تلقي معلومات من سياسيين أميركيين وغربيين حول تحرّكات دولية تستهدف الجماعة، ويتولى الإشراف عليها الأمين العام للتنظيم الدولي محمود الإبياري والقيادي عبد الرحمن أبو ديّة.
وبحسب المصادر، تتعامل الجماعة مع هذه الخطة كاستجابة للضغوط الدولية المتصاعدة خشية تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية، في محاولة لإخفاء الارتباط المباشر بقياداتها التقليدية وخلق صورة ظاهرية لواجهات مستقلة.
وتأتي هذه التطوّرات عقب توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥، أمرًا تنفيذيًا يبدأ الإجراءات الرسمية لتصنيف فروع محددة من الجماعة في مصر ولبنان والأردن كمنظمات إرهابية أجنبية، في إطار ما وصفه البيت الأبيض بـ"الشبكة العابرة للقارات للإخوان المسلمين التي تغذي العنف".
ويوجّه الأمر التنفيذي وزيري الخارجية ماركو روبيو والخزانة سكوت بيسينت، بالتشاور مع المدعي العام ومدير الاستخبارات الوطنية، لإعداد تقرير مشترك خلال ٣٠ يومًا يقيّم وضع الجماعة، على أن تُتخذ الخطوات الإجرائية اللازمة خلال ٤٥ يومًا إضافيًا، وتشمل تجميد الأصول، حظر السفر، وفرض عقوبات اقتصادية.
وأوضح البيت الأبيض أن القرار يهدف إلى "التعاون مع الشركاء الإقليميين للقضاء على قدرات هذه الفروع وإنهاء أي تهديد للأمن القومي الأميركي"، معتبرًا الخطوة جزءًا من مسار تضييق الخناق على التنظيم الدولي وإمكاناته المالية والإدارية.
في المقابل، أعلنت جبهة لندن برئاسة صلاح عبد الحق رفضها القاطع للقرار، مؤكدة عزمها الطعن به قانونيًا، وواصفة إياه بأنه "يهدد الأمن الأميركي" ويشجع على "عقاب جماعي". وبرز ارتباك واضح داخل فروع الجماعة، إذ زعم "تيار التغيير" أنّ الخطوة الأميركية تهدف إلى التغطية على "فشل إسرائيل وأميركا في الحرب على غزة"، معتبرًا أنها تعكس "تراجعًا سياسيًا" لواشنطن في المنطقة.
كما ادّعت بعض الجبهات أنّ الإخوان لا يعملون عبر فروع مباشرة، بل من خلال تنظيمات مستقلة تشترك في عناصر أيديولوجية عامة، محذّرة من أنّ القرار "سيُلاحق قضائيًا".
وتعكس هذه المواقف، بحسب مراقبين، عمق الانقسام داخل الجماعة حول كيفية التعامل مع الضغوط الدولية، ما يشير إلى هشاشتها البنيوية على المستوى العالمي.
وقال مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، توم حرب، إنّ البيانات الصادرة عن فروع الجماعة قد تدفع الإدارة الأميركية إلى توسيع نطاق مراجعاتها، مشيرًا إلى أن "الإخوان تنظيم عنقودي لا هرمي"، وأنّ السلطات الأميركية تملك القدرة على تتبع نشاطه بشكل دقيق.
ورأى حرب أن الجماعة استغلت ظروف "الربيع العربي" وسياسات إدارة باراك أوباما لتعزيز نفوذها، معتبرًا أنّ المرحلة الحالية تمثل بداية تفكيك هذا النفوذ في الدول الغربية، ما قد يفتح الباب أمام خطوات أوروبية مماثلة.
من جهته، اعتبر الباحث في الإسلام السياسي هشام النجار أن لهجة بيانات الجبهة الإخوانية تعكس "ارتباكًا كبيرًا" داخل التنظيم، مشيرًا إلى أنّ الجماعة ألمحت إلى استعدادها للتعاون مع جهات دولية للتخفيف من آثار التصنيف، وهو ما يراه ضمن "مساحة التخابر والعمالة".
وأضاف النجار أنّ سرعة صدور البيانات تُظهر "صدمة واضحة" لدى القيادات، وأنّ التنظيم لا يزال "عالِقًا في مرحلة فوضى ما بعد الربيع العربي"، بينما فقد قدرته على إنتاج استراتيجية مواجهة فعّالة أمام الضغوط الأميركية.