ترأس البابا لاوون الرابع عشر القداس الإلهي الاحتفالي في الواجهة البحرية، واستهل عظته بالقول:"في ختام هذه الأيام الكثيفة التي عشناها معًا بفرح، نحتفل ونشكر الله على صلاحه وعطاياه الكثيرة، وعلى حضوره بيننا، وعلى كلمته التي أفاضها وافرةً علينا وعلى كل ما أعطانا إياه لنكون معًا."
وذكّر بما جاء في الإنجيل: "يسوع أيضًا شكر الآب وصلّى قائلًا: ’أحمدك يا أبت، رب السماء والأرض‘ (لوقا 21، 10)."
وأشار البابا إلى أنّ الشكر لا يجد دائمًا مكانًا في النفوس، قائلاً: "أحيانًا نرزح تحت ثقل تعب الحياة، وننشغل بالمشاكل التي تحيط بنا، ونقف عاجزين أمام الشر، فنميل إلى الاستسلام والتشكي وننسى اندهاش القلب والشكر الواجب لله."
ووجّه دعوة مباشرة إلى اللبنانيين، فقال: "هذه الدعوة لتنمية مشاعر الحمد وعرفان الجميل أوجهها إليكم، أيها الشعب اللبناني العزيز. لقد منحكم الله جمالًا نادرًا زيّن به أرضكم، وأنتم شهود وضحايا لقوى الشر التي تشوّه هذا الجمال."
وتناول البابا جمال لبنان كما يرد في الكتاب المقدّس، مستشهدًا بالمزمور ونشيد الأناشيد وأشعيا، قبل أن يضيف: "وفي الوقت نفسه هذا الجمال يغشاه فقر وآلام وجراح أثّرت في تاريخكم. فقد كنت قبل قليل أصلّي في موقع الانفجار في المرفأ، وتغشاه أيضًا مشكلات كثيرة وسياق سياسي مهلهل وأزمة اقتصادية خانقة وعنف وصراعات أعادت إحياء مخاوف قديمة."
ولفت إلى أنّ الشكر قد يتحوّل إلى خيبة أمل في ظل هذه الظروف، مضيفًا: "لكن كلمة الله تدعونا إلى رؤية الأنوار الصغيرة المضيئة في وسط ليل حالك، لنفتح أنفسنا على الشكر ونتشجّع على الالتزام معًا."
ثم تطرّق إلى معنى الرجاء، وقال: "ملكوت الله يشبه غصنًا صغيرًا ينبت من جذع، ورجاء صغير يعدّ بولادة جديدة حين يبدو أن كل شيء قد مات."
وتابع: "هذه الأنوار الصغيرة نراها في إيمانكم المتجذّر، وفي مدارسكم المسيحية، وفي عمل الرعايا والرهبانيات، وفي التزام العلمانيين، وفي الجهود المبذولة وسط الصعاب."
وأضاف البابا: "من أجل هذه الأنوار والبراعم التي تفتح باب الرجاء، علينا أن نقول مثل يسوع: ’نحمدك يا أبت‘. ونشكرك لأنك معنا ولا تدعنا نضعف."
وشدد على ضرورة ترجمة الشكر إلى تغيير في السلوك، قائلاً: "يجب أن يقودنا إلى توبة وتحول قلبي، وأن ندرك أن الله أراد لحياتنا أن تكون في ضوء الإيمان ووعد الرجاء وفرح المحبة. نحن مدعوون إلى تنمية هذه البراعم، وألا نرضخ للعنف أو لعبادة المال، وألا نستسلم للشر."
ودعا إلى توحيد الجهود لاستعادة بهاء لبنان: "علينا أن ننزع السلاح من قلوبنا، ونسقط دروع الانغلاقات العرقية والسياسية، ونفتح انتماءاتنا الدينية على اللقاء المتبادل، ونوقظ في داخلنا حلم لبنان الموحد، حيث ينتصر السلام والعدل."
واختتم عظته برسالة قوية: "يا لبنان، قم وانهض! كن بيتًا للعدل والأخوّة، ونبوءة سلام للمشرق. أحمدك يا أبت، وأرفع شكري لله لأنّي قضيت هذه الأيام معكم. أصلّي من أجلكم، حتى ينير الإيمان أرض المشرق، ويحافظ على الرجاء الذي لا غروب له."