المحلية

ليبانون ديبايت
الأحد 07 كانون الأول 2025 - 07:52 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

سلام أم محظور قانوني؟ مقابلة سفير إسرائيل في واشنطن تهزّ المشهد اللبناني

سلام أم محظور قانوني؟ مقابلة سفير إسرائيل في واشنطن تهزّ المشهد اللبناني

"ليبانون ديبايت"


في سابقة تُعدّ الأولى من نوعها في الإعلام اللبناني، نشرت منصة This is Beirut مقابلة مباشرة مع السفير الإسرائيلي لدى واشنطن يحيائيل لايتر، أحد المقرّبين من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في خطوة فتحت نقاشاً واسعاً حول حدود العمل الإعلامي في ظرف سياسي وأمني شديد الحساسية. وقدّم السفير عبر المقابلة ما وصفه بـ”رسالة سلام إلى اللبنانيين”، داعياً إلى “فرصة جديدة للعلاقات” على أساس نزع سلاح حزب الله وفصل لبنان عن إيران، معتبراً أن ذلك يمهّد لـ”الازدهار والفرص المشتركة”.


ورغم الطابع الإعلامي للمقابلة، إلا أنها أعادت إلى الواجهة نقاشاً قديماً – متجدّداً يتعلق بالإطار القانوني الذي يحكم مسألة التواصل مع العدو الإسرائيلي في لبنان، حيث تنص التشريعات اللبنانية، بدءاً من قانون مقاطعة إسرائيل لعام 1955 وصولاً إلى المواد 278 و285 و286 من قانون العقوبات اللبناني، على تجريم التواصل أو نقل معلومات، أو تقديم منصّة يمكن للعدو عبرها إيصال رسائله إلى الداخل اللبناني، فيما يستند الاجتهاد القضائي إلى قاعدة مفادها أنّ العبرة بالنتيجة لا بالنية.


ومع ذلك، فإن إدراج المقابلة في هذا السياق القانوني لا يعني بالضرورة تبنّي موقف عدائي من المنصة، بل يعكس طبيعة الإطار التشريعي الذي لا يزال يحكم العلاقة مع إسرائيل في لبنان، وهو إطار لطالما شكّل محور نقاش عام واسع، تتباين حوله الآراء بين رافضٍ لأي شكل من أشكال التواصل، ومناصرٍ للخروج من القطيعة التاريخية.


وتزامنت هذه الخطوة مع تحوّل واضح في المزاج الشعبي اللبناني، وفق ما تُظهره دراسات وأبحاث ميدانية حديثة أُجريت في لبنان خلال الأشهر الماضية. فقد أشارت إحدى الشركات البحثية المعروفة إلى أنّ نسبة مرتفعة من اللبنانيين – في بعض الشرائح – باتت تميل إلى خيار السلام أو التطبيع مع إسرائيل، معتبرة أن “السلام المستقبلي” قد يشكّل مدخلاً للاستقرار الاقتصادي وفرص الاستثمار. وتُظهر هذه الدراسات أنّ هذه الرغبة ترتفع بشكل ملحوظ لدى شرائح من الطوائف المسيحية والسنية والدرزية، فيما تنخفض بشكل كبير لدى أبناء الطائفة الشيعية المتأثرين مباشرةً بواقع المواجهة بين حزب الله وإسرائيل.


وتُعدّ هذه التحوّلات الاجتماعية عاملاً لا يمكن إغفاله في تفسير تزايد النقاشات حول “السلام” و”المستقبل المشترك”، وهي نقاشات لم تكن مطروحة علناً قبل سنوات. ويشير خبراء إلى أنّ لبنان يشهد اليوم مناخاً تجريبياً جديداً في مقاربة العلاقة مع إسرائيل، مدفوعاً بالأزمات الاقتصادية الخانقة، وتبدّل أولويات قسم من المواطنين، وتزايد الانفتاح الإعلامي عبر المنصّات الرقمية.


وتكتسب هذه الخطوة التي قامت بها منصة This is Beirut بعداً إضافياً، ليس فقط لكونها سابقة في الإعلام اللبناني، بل لأنها تأتي بعد سابقة دولية مشابهة، حين أجرى السفير الأميركي في بيروت مقابلة صحافية مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية. وهي المرة الأولى التي يُقدِم فيها سفير دولة أجنبية على إجراء مقابلة مع وسيلة إعلام في دولة لا تزال في حالة عداء أو قطيعة سياسية مع الدولة التي يمثّلها.


هذا التطوّر وضع علامات استفهام واسعة حول تبدّل قواعد الاشتباك الإعلامي والدبلوماسي في المنطقة، وطرح السؤال الكبير: هل نحن أمام تغيّر في حدود ما كان يُعدّ من “المحرّمات” السياسية والإعلامية في لبنان والمنطقة؟


وبذلك، تصبح المقابلة التي بثّتها This is Beirut ليس مجرد سبق إعلامي، بل مؤشراً على مرحلة جديدة من النقاش الوطني حول موقع لبنان من معادلة السلام والصراع، وحول قدرة المجتمع اللبناني على إعادة تقييم خياراته في ضوء التحوّلات الإقليمية والدولية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة