قد يُحال الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي على محاكمة جديدة، رغم إدانته في قضية تمويل حملته الرئاسية من ليبيا، لكن هذه المرة في ملف منفصل يتعلّق بمحاولة التأثير على شاهد رئيسي في القضية نفسها، وفق ما طلبت النيابة الوطنية المالية الفرنسية، الثلاثاء.
وطلبت النيابة إحالة ساركوزي على المحكمة إلى جانب عشرة أشخاص آخرين، بينهم زوجته كارلا بروني ساركوزي، في قضية تتعلق بشبهات تواطؤ للتأثير على تراجع رجل الأعمال الراحل زياد تقي الدين عن أقواله بشأن التمويل الليبي لحملة العام 2007، وهي وقائع مختلفة عن تلك التي أُدين بسببها وحُكم عليه بالسجن خمس سنوات.
إلا أنّ القرار بشأن إحالة هؤلاء على المحاكمة يبقى بيد قاضي التحقيق المشرف على هذا الملف، المرتبط بتراجع تقي الدين عن اتهامه ساركوزي بتلقي تمويل ليبي، في خطوة يُشتبه بأنها جاءت مقابل مبالغ مالية.
وكان تقي الدين، الذي توفي عن 75 عامًا، قد وجّه اتهامات متكررة لساركوزي بتلقي أموال من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ومقرّبين منه، وهو ما نفاه الرئيس الأسبق مرارًا. كما كان رجل الأعمال ملاحقًا بموجب مذكرة توقيف في القضية نفسها.
وتوفي تقي الدين في أيلول، وكان قد صرّح في أيار 2012 لوسائل إعلام بأن تمويل ليبيا لحملة الرئيس الفرنسي السابق "حقيقة".
وفي أواخر العام 2016، تحدث لموقع "ميديابار" الاستقصائي الفرنسي عن حقائب مليئة بالنقود، وخمسة ملايين يورو مُنحت عامي 2006 و2007 لساركوزي، الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الداخلية، ومدير مكتبه كلود غيان.
وكرّر تقي الدين هذه الرواية مرارًا أمام قاضي التحقيق، قبل أن يُعلن في نهاية العام 2020 أنّ الرئيس السابق لم يستفد من هذا التمويل. ولاحقًا، قال إن تصريحاته تعرّضت "للتشويه"، وهو تغيير في الموقف رأى فيه القضاء تلاعبًا محتملًا بالشهود، ما استدعى توجيه الاتهامات الجديدة.
وفي لائحتها الاتهامية النهائية، الثلاثاء، طلبت النيابة العامة المالية إحالة الرئيس الأسبق على المحاكمة بتهمة "تشكيل عصابة إجرامية بهدف ممارسة الاحتيال المنظّم" و"التستّر عن جرم محاولة التأثير على شاهد".
أما بالنسبة إلى زوجته كارلا بروني ساركوزي، فطلبت النيابة العامة إحالتها على المحاكمة بالتهمة الأولى فقط.
ولم يُبدِ محامي ساركوزي، كريستوف إنغران، أي تعليق لوكالة فرانس برس، كما لم يدلِ محامي زوجته، بول ماليه، بأي تعليق.
ومن بين المتهمين أيضًا ميشيل مارشان، الملقّبة بـ"ميمي"، وهي صديقة لكارلا بروني ساركوزي، ومتهمة بـ"التلاعب بشاهد" و"تشكيل عصابة إجرامية بهدف إفساد أشخاص يشغلون مناصب قضائية في لبنان".
ويواجه المتهمون الثلاثة عقوبة قصوى بالسجن عشر سنوات، وغرامة مالية قدرها 150 ألف يورو.
وفي موازاة اللائحة الاتهامية الصادرة عن النيابة العامة المالية، لا تزال طلبات إبطال الإجراءات والاتهامات قائمة أمام محكمة الاستئناف في باريس، من دون تحديد موعد للجلسة، وفق ما أفاد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس.
وفي 25 أيلول، حُكم على ساركوزي بالسجن خمس سنوات لمشاركته في "عصابة إجرامية"، إثر إدانته بالتستّر عمدًا على محاولات معاونيه التواصل مع أوساط القذافي في ليبيا للحصول على تمويل للحملة التي فاز بها عام 2007.
وأُودع ساركوزي السجن، وطعن في الحكم الصادر بحقه، على أن تنظر محكمة الاستئناف في باريس في قضيته بين 16 آذار و3 حزيران.
وأخلى القضاء سبيل ساركوزي بعد 20 يومًا من التوقيف، ومنعه من مغادرة الأراضي الفرنسية والتواصل مع المتهمين الآخرين في القضية.