في موقفٍ لافت يتقاطع مع الجدل التربوي والسياسي القائم، أصدر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بيانًا حذّر فيه من خطورة ما يتهدّد التعليم الرسمي في لبنان، معتبرًا أنّ المسألة تتجاوز المطالب الآنية لتطال “فعالية الدولة والأجيال اللبنانية”.
وقال قبلان، متوجّهًا إلى الحكومة اللبنانية وأعضائها: “أنقذوا المدرسة الرسمية قبل فوات الأوان”، محذرًا من “إعدام التعليم الرسمي لأنه إعدام لصميم بنية لبنان”. وأكّد أنّ “لا قيمة للمدرسة الرسمية بلا تأمين أساتذتها وطواقمها من قدرات وضمانات تليق بأكبر قوة ضالعة بالبنية العلمية الوطنية”، معتبرًا أنّ أعذار الحكومة “مرفوضة ومكشوفة”.
وشدّد المفتي قبلان على الانحياز الكامل إلى روابط التعليم الرسمي، قائلاً: “نحن ننحاز بشدة لمصلحة روابط التعليم الرسمي ومع أي إضراب تدعو إليه”، في إشارة واضحة إلى دعم التحركات المطلبية التي يخوضها الأساتذة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
وفي الشأن النيابي، تطرّق قبلان إلى جلسات مجلس النواب، معتبرًا أنّ “الرئيس نبيه بري يعمل لمصلحة لبنان العليا”، في حين أنّ “البعض الآخر تدفعه مصلحته الحزبية الضيقة لمقاطعة مجلس النواب، وإغاثة الشعب اللبناني وضمان شؤونه الحياتية”. وشدّد على أنّه “يفترض دعم المجلس النيابي لا مقاطعته”، معتبرًا أنّ “المصالح الوطنية يحميها مجلس نيابي صارم بمصالح الشعب اللبناني، بعيدًا من مصالح الزواريب التي يتعيّش عليها بعض المهووسين بعدد المقاعد والأصوات”.
يأتي موقف المفتي الجعفري في ظل واقع بالغ الصعوبة يعيشه التعليم الرسمي في لبنان، حيث تعاني المدارس الرسمية من نقص حاد في التمويل، وتراجع القدرة الشرائية لرواتب الأساتذة، إضافة إلى الإضرابات المتكررة التي انعكست تعطيلًا للعام الدراسي وعدم استقرار تربوي يهدّد آلاف التلامذة. وتطالب روابط التعليم الرسمي منذ أشهر بإجراءات عاجلة تشمل تحسين الرواتب، تأمين الحوافز، وضمان استمرارية العمل التربوي بما يحفظ كرامة الأساتذة ودور المدرسة الرسمية كركيزة أساسية للعدالة الاجتماعية.
سياسيًا، يتزامن هذا الملف مع استمرار الخلاف حول النصاب في جلسة مجلس النواب المقرّرة يوم الخميس، وسط انقسام حاد بين كتل تؤكد ضرورة انعقاد الجلسات لإقرار قوانين ملحّة تمس الشأنين المعيشي والتربوي، وأخرى تلوّح بالمقاطعة لأسباب سياسية. هذا الانقسام يزيد من تعقيد المشهد، ويضع ملفات حيوية، وفي مقدّمها التعليم الرسمي، رهينة التجاذبات البرلمانية في مرحلة دقيقة تمرّ بها البلاد.