نظّمت وزارة الصحة العامة اللقاء السنوي للرعاية الصحية الأولية تحت عنوان "الاستثمار من أجل الأمن الصحي وعدالة الخدمات"، برعاية وحضور وزير الصحة العامة الدكتور ركان ناصر الدين، حيث جرى عرض أبرز تطورات الرعاية الصحية الأولية خلال العام الماضي، والإعلان عن المسارات الجديدة الهادفة إلى تعزيز هذا القطاع في لبنان، وفي مقدّمها رزم الخدمات الصحية المصنّفة بحسب العمر والحالة الصحية لكل مستفيد من خدمات الرعاية.
وشهد اللقاء إطلاق الحملة الوطنية لتعزيز المعرفة حول داء السكري من النوع الأول وكسر الأحكام المسبقة المرتبطة بهذا المرض.
عُقد اللقاء في فندق راديسون بلو – بيروت/فردان، بحضور وزير العمل محمد حيدر، ووزيرة الشؤون الاجتماعية السيدة حنين السيد، والنائبين أمين شري وعلي المقداد، وممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتور عبد الناصر أبو بكر، إلى جانب ممثلين عن الوزارات المعنية، وشركاء وزارة الصحة العامة من منظمات دولية وجمعيات أهلية، وحشد من الخبراء والمشرفين على مراكز الرعاية الصحية الأولية في مختلف المناطق اللبنانية والفرق العاملة فيها، إضافة إلى مديرة برنامج الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة العامة الدكتورة رندا حمادة وفريق البرنامج.
وفي كلمته، أكد وزير الصحة العامة أن اللقاء لا يهدف فقط إلى استعراض ما أُنجز من جهود كبيرة، بل إلى تحديد الثغرات والعمل على معالجتها، بما يتيح تطوير مراكز الرعاية الصحية الأولية. وشدّد على أن الاستثمار في هذه الرعاية، من خلال التشخيص والكشف المبكر واللقاحات، يشكّل أولوية أساسية في لبنان، في ظل محدودية الموازنة المتاحة التي لا تلبي سوى جزء ضئيل من الحاجات، ما يضطر المواطنين إلى تحمّل نحو 85 في المئة من إجمالي الفاتورة الصحية.
وتحدث ناصر الدين عن ثلاثة مسارات اعتمدتها الوزارة لتفعيل مراكز الرعاية الصحية الأولية، تمثلت بدعم المراكز تدريجياً بالمعدات الحديثة والمتطورة وفق الحاجات والموقع الجغرافي لكل مركز، والسعي لتأمين أسقف مالية لها على غرار تلك المعتمدة للمستشفيات الحكومية والخاصة بما يضمن استمراريتها، إضافة إلى تعزيزها بكميات وافرة من أدوية الأمراض المزمنة، حيث جرى شراء أدوية بقيمة 8.5 ملايين دولار بوفر تجاوز 50 في المئة مقارنة بالقيمة السوقية الفعلية.
وأكد الوزير التزام الوزارة توسيع شبكة الرعاية الأولية لتشمل مناطق إضافية، وإطلاق نظام تصنيف المراكز الصحية PHC Plus، وتعزيز رزم الخدمات الأساسية لتشمل خدمات رقمية ونفسية وتأهيلية، ودعم الموارد البشرية عبر التدريب والتحفيز والتعليم المستمر، وتعزيز نظام المعلومات الصحية PHENICS ليكون أداة فعالة لاتخاذ القرار المبني على بيانات محدثة، إضافة إلى تأمين تمويل مستدام للمراكز من خلال آليات وطنية وشراكات فاعلة. كما أشار إلى توسيع دور الرعاية الصحية الأولية ليشمل أماكن العمل بالتعاون مع وزارة العمل، وحماية الحقوق الصحية للعاملين المصابين بأمراض مزمنة، إلى جانب إطلاق تعرفة جديدة تراعي قدرات المواطنين وحاجات المراكز.
وختم ناصر الدين بالتأكيد أن وزارة الصحة العامة تضع قطاع الرعاية الصحية الأولية في صلب أولوياتها الوطنية، وستواصل دعمه كركيزة أساسية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة والعدالة الصحية، موجهاً الشكر إلى الشركاء المحليين والدوليين والمؤسسات المانحة والجمعيات والأوساط الأكاديمية التي ساهمت بالدعم المالي وبمشاركة الخبرات في التخطيط والتطوير.
من جهته، شدّد وزير العمل محمد حيدر في كلمته على أهمية الاستثمار في رأس المال البشري عبر تعزيز دور العاملين الصحيين والحفاظ عليهم في مراكز عملهم، معتبراً أن لا رعاية صحية فعالة من دون قوى عاملة مؤهلة، وأن تعزيز النظام الصحي يبدأ من دعم هذه القوى. وأكد العمل بالتعاون مع وزير الصحة العامة لتشجيع العاملين الصحيين على الصمود وتحسين ظروف عملهم.
وأشار حيدر إلى ضرورة تمتع الموارد البشرية الصحية بالكفاءة، لافتاً إلى أن اللبنانيين لمسوا ذلك خلال الأزمات المتتالية، حيث أثبت العاملون في القطاع الصحي أنهم خط الدفاع الأول. وختم بالإعلان أن النسخة المنقحة من قانون العمل الجديد ستُحال قريباً إلى الحكومة لبحثها وإقرارها بما يحقق مزيداً من العدالة للعاملين، ولا سيما في مجالي الضمان الاجتماعي والصحة المهنية.