وبحسب ما جرى تداوله على نطاق واسع في أوساط قواتية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نُشرت معلومات عن دعاوى قضائية في الولايات المتحدة بحق نجيم، تعود إلى الجامعة التي كان يدرّس فيها قبل سنوات، الأمر الذي أشعل الانقسامات داخل القاعدة القواتية في أميركا، وفتح باب الخلافات بين مناصرين ومعارضين لاستمراره في موقعه التنظيمي.
الخلافات في صفوف المغتربين القواتيين في الولايات المتحدة لا تُعدّ وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى ما بعد انتخابات رئاسة فرع القوات اللبنانية في لوس أنجلوس، حين انتُخب بيار سعد خلفًا لكلود صوما. يومها، شكّك فريق معارض بنزاهة العملية الانتخابية وبأهلية الرئيس المنتخب، ورفع شكاوى تنظيمية إلى مسؤول الانتشار في الحزب، النائب عماد واكيم، من دون أن تلقى، وفق مصادر اغترابية، أي معالجة واضحة أو رد رسمي.
لاحقًا، توسّعت رقعة التوتر مع رفض الترخيص لفرع جديد في بيفرلي هيلز، رغم استيفائه الشروط التنظيمية، بحسب معترضين، ما فُسّر على أنه قرار سياسي مرتبط بالخلاف القائم. ومع فشل محاولات المصالحة، شهدت الساحة الاغترابية خلافات واسعة، شملت تبادل اتهامات وشتائم علنية، وشكاوى تنظيمية، وصولًا إلى قرارات فصل وتجميد مهام طاولت عددًا من الكوادر.
إزاء تفاقم الأزمة، تحرّكت اللجان القانونية في الحزب بإشارة من رئيسه سمير جعجع، حيث باشرت لجنة التفتيش ولجنة التحقيق ولجنة الشرف الاستماع إلى المعنيين وإعداد تقاريرها. إلا أن هذه المساعي، وفق مصادر مطّلعة، لم تنجح حتى الآن في إعادة ترميم الثقة أو احتواء الانقسام، وسط شعور متزايد لدى القاعدة الاغترابية بأن القرارات المتخذة افتقرت إلى التوازن، وأسهمت في تعميق الشرخ بدل معالجته.
وتشير المصادر نفسها لـ"ليبانون ديبايت" إلى أن الخلاف لم يعد محصورًا بلوس أنجلوس، بل امتد إلى ولايات أميركية أخرى، ما حوّل الأزمة إلى عبء تنظيمي وسياسي يهدد صورة الحزب في واحدة من أهم ساحات انتشاره الخارجي.
في هذا المناخ المشحون، جاءت قضية مارسيل نجيم لتضيف بعدًا بالغ الحساسية. فالمنشورات التي ربطت بين موقعه الحزبي والاتهامات الموجّهة إليه في الولايات المتحدة أشعلت مواجهة علنية بين قواتيين، من بينهم شخصيات معروفة بمعارضتها لتعيينه، ما أدى إلى حملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي بين مدافعين ومطالبين بموقف قيادي واضح.
وتكمن خطورة هذا التطور، وفق متابعين، في انعكاساته السياسية والإعلامية، ولا سيما في ظل صمت قيادة معراب، الذي لم يعد يُقرأ على أنه تريّث أو انتظار لمعطيات إضافية، بل بات يُفسَّر كعامل يزيد من حالة الإرباك ويمنح خصوم الحزب مادة إضافية لاستهدافه.
ويتقاطع هذا المشهد مع مؤشرات فتور في النشاط الاغترابي القواتي، تُرجم بتراجع الحماسة والمشاركة في المؤتمر السنوي الأخير للحزب في شيكاغو، وبانخفاض ملحوظ في نسب تسجيل المنتشرين للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ويربط مراقبون هذا التراجع بحالة الإحباط المتراكمة نتيجة الخلافات الداخلية، وغياب المعالجة الحاسمة، وتآكل الثقة بالقيادة الاغترابية.
أمام هذا الواقع، يجد حزب القوات اللبنانية نفسه أمام اختبار دقيق في الاغتراب: هل يبقى الصمت خيارًا، أم يتحوّل إلى عبء سياسي وتنظيمي؟ وهل تُترك القاعدة الاغترابية غارقة في صراعات داخلية، فيما تقترب استحقاقات مفصلية يحتاج فيها الحزب إلى وحدة صفه أكثر من أي وقت مضى؟