المحلية

محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت
الثلاثاء 23 كانون الأول 2025 - 07:20 ليبانون ديبايت
محمد علوش

محمد علوش

ليبانون ديبايت

لماذا يذهب نواف سلام بعيدًا بملف حصر السلاح؟

لماذا يذهب نواف سلام بعيدًا بملف حصر السلاح؟

"ليبانون ديبايت"-محمد علوش


يتعامل رئيس الحكومة نواف سلام مع ملف حصر السلاح وكأنه ملف داخلي تقني منفصل عن السياق السياسي والأمني القائم في لبنان، متجاهلًا عنصرًا جوهريًا لا يمكن القفز فوقه، وهو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من جنوب الليطاني، واستمرار الاعتداءات اليومية على الأراضي اللبنانية.

يأتي حديثه عن الانتقال إلى “المرحلة الثانية” من خطة حصر السلاح في توقيت حساس، وفي ظل معطيات ميدانية وأمنية تناقض كليًا الأساس الذي يُفترض أن تُبنى عليه أي مقاربة جدية لهذا الملف، وهو التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي شامل وغير مشروط.


المشكلة الأساسية في مقاربة سلام لا تكمن فقط في مضمون الطرح، بل في تجاهله العلني لما تقوله المؤسسة العسكرية نفسها. فالجيش اللبناني، المعني الأول بأي ترتيبات أمنية جنوب الليطاني، كان واضحًا في مواقفه لجهة أن استكمال المرحلة الأولى يتطلب بيئة مستقرة، ووقفًا فعليًا للعدوان، وانسحابًا إسرائيليًا كاملًا، وأن أي حديث عن مراحل لاحقة في ظل استمرار الاحتلال يُعد تجاوزًا للواقع الميداني. وبالتالي، كان الأجدى برئيس الحكومة أن يُبرز إنجاز لبنان في الالتزام بالقرار 1701، وأن يضغط باتجاه التزام إسرائيل، وإلا، وفي حال التزم لبنان التطبيق، كيف سيفاوض وكيف سيلزم إسرائيل بأي تنازل؟


هذا الأداء يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول الأهداف الحقيقية لرئيس الحكومة. فبدل الانسجام مع الموقف الرسمي الذي يجمع عليه رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، والقائم على أولوية تثبيت وقف إطلاق النار وتطبيقه حرفيًا، يذهب سلام إلى خطاب أكثر حدة، وأقرب إلى المطالب الخارجية، متقدمًا خطوة إضافية على من يُفترض أنهم شركاؤه في السلطة. وهذا التباعد ليس عفويًا ولا ناتجًا عن سوء تقدير، بل يعكس خيارًا سياسيًا واضحًا.


لا تُخفي مصادر الثنائي الشيعي امتعاضها من هذا المسار، وترى عبر “ليبانون ديبايت” أن رئيس الحكومة يتعمد القفز فوق التفاهمات الداخلية القائمة، ويطرح ملفًا بالغ الحساسية الوطنية خارج إطاره الطبيعي، ما يهدد بإعادة إنتاج توتر داخلي في لحظة يحتاج فيها البلد إلى الحد الأدنى من التماسك والموقف الموحّد.


وبالنسبة إلى هذه المصادر، فإن مقاربة سلام لا تخدم الاستقرار، ولا تعزز موقع الدولة، بل تفتح الباب أمام استقطاب داخلي جديد، عنوانه هذه المرة الصدام حول الأولويات لا حول المبادئ. وفي قراءة هذه المصادر، فإن استعجال رئيس الحكومة في فتح هذا الملف لا ينفصل عن حساباته الشخصية والسياسية، إذ ترى أنه يسعى إلى تقديم نفسه للخارج كعنوان “إصلاحي” جاهز لتنفيذ المطلوب، حتى لو تعارض ذلك مع التدرّج الداخلي ومع الوقائع القائمة. ويُفسَّر هذا السلوك على أنه محاولة لتثبيت موقعه كمرشح جدي لأي حكومة مقبلة، أو لبناء حيثية سياسية داخلية تُستثمر انتخابيًا في حال فُتحت أبواب الاستحقاقات النيابية لاحقًا.


وتُشير المصادر إلى أن الأخطر في هذا المسار أنه يضع لبنان في موقع الطرف الذي يقدّم التنازلات المجانية، بدل أن يتمسك بحقوقه الواضحة. فالمطلب اللبناني الرسمي، كما هو مُعلن، يتمحور حول تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وضمان انسحاب الاحتلال، ووقف الخروقات. وبالتالي، فإن أي انقلاب في ترتيب هذه الأولويات يُضعف الموقف التفاوضي للبنان، ويمنح العدو هامشًا أوسع للمناورة، ويحوّل النقاش من تحميل إسرائيل مسؤولياتها إلى تحميل الداخل أعباء إضافية.


وفي الوقت الذي تستمر فيه التهديدات الإسرائيلية للبنان، والحديث عن توسيع العدوان وتوسيع المنطقة العازلة، وبعدما سمع رئيس الحكومة شخصيًا من المفاوض سيمون كرم رفض إسرائيل تقديم أي تنازل يتعلق بالمناطق المحتلة أو بوقف الاعتداءات، يصبح غريبًا حديث سلام عن استكمال المرحلة الثانية من حصر السلاح وكأن احتلالًا لم يكن. وترى المصادر أن بين مقاربة متسرعة تُرضي الخارج، ومقاربة هادئة تحمي الاستقرار الداخلي وتتمسك بالحقوق الوطنية، يبدو أن رئيس الحكومة اختار المسار الأكثر تصادمًا.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة