تراجع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، عن تصريحات مثيرة للجدل كان قد أدلى بها في وقت سابق من اليوم نفسه، قال فيها إن إسرائيل "لن تنسحب أبداً" من كامل قطاع غزة، وإنها تعتزم إقامة مستوطنات في شمال القطاع.
وكان كاتس قد أعلن هذه المواقف خلال مشاركته في مراسم وضع حجر الأساس لبناء 1200 وحدة سكنية في مستوطنة بيت إيل في الضفة الغربية، حيث قال: "لن ننسحب أبداً من كامل قطاع غزة وسنقيم مستوطنات شمالي القطاع". وأضاف: "عندما يحين الوقت، في شمال غزة، سنشكّل وحدات ناحال بدلاً من المجتمعات التي تم إبعادها، وسنفعل ذلك بالطريقة الصحيحة وفي الوقت المناسب". وتابع: "سنقيم بؤراً استيطانية في شمال قطاع غزة في التوقيت الملائم. هناك من يتظاهرون، لكننا نحن من يحكم".
غير أن كاتس عاد، بعد ساعات قليلة، وأوضح في بيان نقلته صحيفة هآرتس أن الحكومة الإسرائيلية "لا تنوي بناء مستوطنات في غزة"، مؤكداً أن وجود "لواء ناحال" داخل القطاع سيكون "لأغراض أمنية فقط"، في تراجع واضح عن مواقفه السابقة.
وأثارت تصريحات كاتس الأولى موجة واسعة من الجدل داخل إسرائيل وخارجها، ولا سيما أنها تتعارض مع مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما تتناقض مع بنود الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، والتي تنص على انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي، بما يتيح المجال أمام قوات حفظ استقرار دولية، وحكومة فلسطينية تكنوقراطية، لتولّي إدارة شؤون القطاع.
وفي هذا السياق، أفاد مسؤولون إسرائيليون، قبل يومين، لصحيفة "هآرتس"، بأن اتخاذ تل أبيب قرارات حاسمة بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة يبقى مرتبطاً بلقاء مرتقب بين نتنياهو وترامب في فلوريدا نهاية الشهر الجاري.
وذكرت المصادر أن التوجّه الإسرائيلي للمرحلة المقبلة يعتمد إلى حدّ كبير على موقف إدارة ترامب من ملفات حسّاسة، أبرزها كيفية الربط بين انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة ونزع سلاح حركة حماس، إضافة إلى ضمان تدمير ما تبقّى من شبكة الأنفاق داخل القطاع.
تأتي مواقف كاتس المتناقضة في مرحلة شديدة الحساسية من مسار الحرب في غزة، حيث تشهد إسرائيل انقساماً داخلياً حول مستقبل القطاع بعد العمليات العسكرية، بين تيار يدعو إلى إعادة فرض وقائع ميدانية جديدة، وتيار آخر يلتزم بالمسار السياسي والأمني المرتبط بالتفاهمات الدولية، ولا سيما مع الولايات المتحدة. وقد سبق أن أكدت الحكومة الإسرائيلية مراراً أن لا نية لديها لإعادة الاستيطان في غزة، منذ الانسحاب الأحادي عام 2005، غير أن تصريحات متكرّرة من وزراء في اليمين الحاكم تعيد هذا الطرح إلى الواجهة، ما يثير توتراً سياسياً ودبلوماسياً متجدداً.