في ظلّ مناخ سياسي ضاغط يخيّم على لبنان، حيث تتقاطع المساعي الدبلوماسية مع واقع أمني هشّ وحدود مفتوحة على احتمالات التصعيد، تتقدّم الأسئلة مجدداً حول قدرة الدولة على تحصين الاستقرار ومنع الانزلاق إلى مواجهة أوسع، في وقت تتكثّف فيه الاتصالات الخارجية ويزداد منسوب القلق الداخلي من غياب الضمانات الفعلية.
في هذا السياق، شدّد عضو "كتلة اللقاء الديمقراطي" ، النائب بلال عبد الله، في حديثه لصحيفة "الشرق الأوسط"، على أنّ "الحديث عن تجنيب لبنان الحرب بشكلٍ نهائي لا يزال سابقاً لأوانه"، معتبراً أنّ "توصيف المرحلة بترحيل التصعيد وحده لا يكفي لشرح تعقيد المشهد".
وأشار عبد الله، في حديثه للصحيفة، إلى أنّ لبنان "يقوم بما يتوجّب عليه ضمن أقصى طاقته السياسية والدبلوماسية"، لافتاً إلى أنّ آلية المتابعة الدولية "تتطلّب تنفيذاً سياسياً في جزءٍ أساسي منها، وهو ما تعمل عليه الدولة اللبنانية ضمن الإمكانات المتاحة".
وأبرز عبد الله إشكالية أساسية تتمثّل بالتزام لبناني يقابله فراغ في الضمانات، مؤكداً أنّ "كل ما هو مطلوب رسمياً من لبنان يتم الالتزام به، في وقت يتكبّد فيه حزب الله خسائر يومية على الأرض"، ومشدّداً على أنّ "الخطاب عالي النبرة مسألة منفصلة عن الوقائع الميدانية والسياسية".
وأضاف أنّه "حتى اليوم، لم يأتِ أي موقف غربي أو عربي يحمل ضمانة جدية تمنع إسرائيل من توجيه ضربات إضافية"، ما يعني عملياً، برأيه، أنّ "الاستقرار المطروح ليس إلا هدنة مفتوحة على الاحتمالات".
وانطلاقاً من ذلك، رأى عبد الله أنّ "الحديث عن استقرار طويل الأمد غير واقعي في المرحلة الحالية"، وأنّ سقف الممكن "يقتصر على وقف الاعتداءات، لا أكثر".
وفي حديثه لـ"الشرق الأوسط"، لم يفصل عبد الله المسار اللبناني عن محيطه الإقليمي، مؤكداً أنّ "الواقعية السياسية تفرض على لبنان الاستمرار في القيام بواجباته كدولة ضمن الميكانيزم، لكن من دون أوهام حيال نتائجه". كما استحضر نموذج غزّة بوصفه دليلاً على هشاشة التفاهمات، مشيراً إلى أنّ "أي قراءة سياسية نهائية تبقى رهينة التطورات الإقليمية والدولية".
وختم عبد الله بالتأكيد أنّ غياب الضوابط الواضحة والضمانات الملزمة للجم إسرائيل "يترك الميدان مفتوحاً أمام احتمالات متعددة"، محذّراً من أنّ لبنان "سيظل ساحة متأثرة بالحسابات الإسرائيلية أكثر مما هو محكوم بتفاهمات مستقرة"، في مرحلة سياسية دقيقة تتداخل فيها الملفات الأمنية مع مسارات تفاوض غير مكتملة، وسط ضغوط خارجية لم ترتقِ بعد إلى مستوى الضمانات الحاسمة.
وتأتي هذه المواقف في لحظة سياسية دقيقة، حيث تتداخل الملفات الأمنية مع مسارات التفاوض غير المكتملة، ويستمر الجدل الداخلي حول جدوى الآليات الدولية وحدود قدرتها على إنتاج استقرار فعلي، في ظل توازنات إقليمية متحرّكة وضغوط خارجية لم ترتقِ بعد إلى مستوى الضمانات الحاسمة.