"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي

بعد مرور خمسة أيام، بات الوضع بحاجة إلى خطوة عملية تبدّد التحليلات "التائهة" التي تحيط استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، في الوقت الذي تتمدّد فيه الأزمة داخلياً على جميع الأصعدة. وفيما كانت تتجه الأنظار نحو مطار بيروت، خصوصاً بعد تصريح وزير الخارجيّة السعودي عادل الجبير الذي قال إنَّ بإمكان الحريري مغادرة المملكة في أيّ وقت، رداً على المعلومات عن اعتقاله في المملكة، حطّت الطائرة في أبو ظبي للقاء ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي محمد بن زايد، في زيارة اعتبرها البعض استشارية لرسم استراتيجية جديدة لترميم الفجوة التي أحدثتها الاستقالة. وعاد الحريري بعدها مباشرة إلى الرياض للمشاركة في تشييع الأمير منصور بن مقرن.

لكن هذه التنقّلات التي لم تُخرِج القضية اللبنانيّة من البيت الخليجي، والتي وقّعت عليها الإدارة الأميركيّة مؤكدة أنَّ خطّة حصار وعزل إيران في الشرق الأوسط تتمّ على أكمل وجه، تتطلّب من الحريري تصويب البوصلة نحو لبنان، على اعتبار أنّ مرور الوقت لا يصبّ لصالح البلد سياسياً وأمنياً واقتصادياً.

وإلى حين تحويل الملفّ إلى بيروت، في الوقت الذي باتت استقالة الحريري حتميّةً لا رجوع عنها، إلّا بشروط ٍ"عربيّةٍ ـ دوليّة"، تحوّل دار الفتوى إلى قصر بعبدا ثانٍ، لاستقبال أبناء الطائفة السنيّة، وشخصيّاتٍ سياسيّةٍ لبنانيّة ودوليّة. ورأى البعض أنَّ الحركة المكوكيّة التي يشهدها الدار لا تخدم الوضع الراهن، على اعتبار أنَّ القضيّة وطنية عربيّة وليست سنيّة.

وفي ظلّ إصرار البعض على أنَّ الحريري استقال مُكرهاً وهو في الإقامة الجبريّة وأن السعودية انتهكت سيادة لبنان، يؤكد النائب السابق فارس سعيد لـ"ليبانون ديبايت" أنّ الحريري استقال عن سابق تصوُّر وتصميم لأنّه لم يعُد بمقدوره إدارة الشأن السياسيّ بعدما تقدّمت له كلّ البراهين أنّ حزب الله متورّط في عملية زعزعة الأمن في العالم العربي، كما أنّه ليس في الإقامة الجبرية، إذ استقبله الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولا يستقبل الملك معتقلين، أضف إلى ذلك أنّه قصد أبوظبي.

وعن اتهام السعودية بأنّها انتهكت سيادة لبنان، يرى سعيد أن في هذا الأمر مغالطات "لأن من ينتهك السيادة هو من ينشر عشرات آلاف الصواريخ على الأراضي اللبنانية ولا أحد يعترض، وهو الذي يفرض على لبنان جيشين، وهو الذي يأتي من طهران إلى باب رئاسة الحكومة، ليقول إنَّ استقلال لبنان أمانة برقبته، عبر مستشار المُرشِد الأعلى الإيراني للشؤون الدوليّة علي أكبر ولايتي.

ويوضح أنَّ رئيس الحكومة حر ومستقل، "دخل هذه الحكومة كرئيس مكبّل بشروط معيّنة وخرج زعيماً وطنياً وعربياً، وصدى هذه الاستقالة ليس كأي استقالة رئيس حكومة آخر، نظراً لحجم الرجل وارتباطاته العربية والإقليمية، والظرف الذي استقال به". ويطلب النائب ذاته "عودة الجميع إلى لبنان بشروط لبنانية وليس بشروط فريق من اللبنانيين، لا أحد يمكنه أن يغطّي ابتداءً من اليوم عملية بناء دولة بشروط حزب الله في لبنان"، مشيراً إلى أنَّ ما يحصل يرتبط بـ"هندسة دولية أميركية عربية وصلت إلى لبنان، وحزب الله بات يدرك حجم المخاطر المحيطة به".

وفي ما يخصّ الدور الذي تقوم به دار الفتوى، يرى سعيد أن استقالة الحريري هي شأن وطني وعربي ودولي، بالتالي فإنّ التعامل معها على أن الطائفة السنيّة مأزومة، ويجب زيارة الدار للوقوف عند رأيها هو إمعانٌ بالخطأ، على اعتبار أنَّ استقالة الحريري أكبر من أيّة أزمة داخلية وطائفية، معارضة وموالاة، و8 و14، بل هي إشارة إلى أنّه لا يكمن، انطلاقاً من اليوم، المُساكنة في مؤسسة سياسية واحدة مع حزب يهدّد أمن العالم العربي.

ويضيف "نحن في دولة يحكمها الدستور ولها أُطرٌ حقيقيّة لتنظيم العلاقات اللبنانية ــ اللبنانية، ولم يستقل سعد الحريري بصفته سنّياً إنما لبنانياً، بعدما طفح الكيل لعدم قدرته على إدارة حكومة يمسك بقرارها حزبٌ يهدّد أمن العالم العربي. وبالتالي، هذا القرار لبنانيّاً وطنياً عربياً ودولياً وليس سنياً صافياً".