"ليبانون ديبايت" - علاء الخوري

افرزت نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة في عكار، قوى سياسية جديدة، تحاول ارتداء لباس الحداثة تماشيا مع التغيرات التي طرأت على المشهد العكاري ودخول العالم الافتراضي الى البيئة هناك، فايقظ القانون الانتخابي " المذهبية" داخل كل طائفة لتتحول سريعا الى سلاح يفتك داخل البيت الحزبي الواحد.

في التجربة، كان التيار الوطني الحر خير مثال لهذه المشهدية، مع اشتداد المنافسة المارونية الاورثوذكسية في القرى والبلدات التي تشكل عصب التيار، ولم تستطع كل التدخلات على مستوى الهيئات والمنسقيات من لجم هذا التوتر الذي اخذ المنحى التصاعدي في ظل وجود منافسَيْن لدى الجمهور البرتقالي، النائب اسعد درغام " الاورثوذكسي" وجيمي جبور عضو المكتب السياسي و"المرشح الماروني" السابق في الدائرة، وترتب على تبني التيار للمرشَحين تداعيات انعكست انقاسما عاموديا في القرى المسيحية التي استفاقت على مشهد لم تألفه من قبل.

الكباش السياسي أثر سلبا على العلاقة بين التنسيقيات، لم يطو اهل الحل والربط صفحاته، لاسيما وان صناديق الاقتراع قالت كلمتها حيث حصد درغام في اكثر اقلام اقتراع القرى الاورثوذكسية من شدرا الى رحبة ومنيارة وغيرها معظم الاصوات وبفارق شاسع عن جبور. في المقابل حصد جبور اقلام الاقتراع في القرى ذات الثقل الماروني " القبيات- عندقت" وغيرها فيما كانت النتيجة في تلك القرى صادمة على درغام، الذي فاز بالحاصل فيما حصل جبور على اعلى نسبة اصوات في اللائحة.

هذه النتيجة اغضبت الحزبيين المؤيدين لجبور، ولم يبلع جمهور الطرفين النتائج وبدأ صراع " التحجيم" يأخذ منحيات خطيرة ، فدرغام بات الاقوى اليوم في عكار ويمسك باكثر من ملف وتحديدا ملف التنسيق بين التيار والاجهزة، وظهر دوره في التشكيلات الاخيرة في قوى الامن الداخلي، ويعمل ايضا على "تقليم اظافر" خصومه السياسيين وتحديدا من اهل البيت الذين يشكلون عائقا امامه، منطلقا من نتائج الانتخابات الاخيرة، ومحاولا مد اليد الى المناصرين في القرى " الاورثوذكسية" وانتقاء من صوت له في القرى المارونية. في المقابل يحيط بجبور " اصدقاء النضال" ايام الوصاية، يرفض هؤلاء " الدخلاء" من لا يشبههم بالتفكير الحزبي كما يرددون. وفيما يسعى جبور الى توسيع نشاطه للحفاظ على نتائج الانتخابات الاخيرة من خلال الامساك ببعض الخطوط داخل مؤسسات الدولة المحسوبة على التيار، تلقى صفعة في الايام الماضية بعد تنحية رئيسة دائرة الارشاد في وزارة التربية هيلدا خوري من دائرة الامتحانات حيث كانت بالتكليف، وتعتبر خوري من المقربين لجبور الذي يعمل على امساك الساحة " المارونية" في عكار ومنع درغام التسلل اليها، بعد ان بات الاخير الممثل الرئيسي للتيار في المنطقة، ويتواصل مع المقربين من جبور لتطويقه ومنعه من اي تمدد قد يوصله الى الندوة البرلمانية بعد اربع سنوات.

وامام هذا المشهد، يحاول رئيس التيار جبران باسيل استيعاب المنافسة التي تحولت عبر مواقع التواصل الاجتماعي الى حلبة صراع تستخدم فيها كل الاسلحة المذهبية والطائفية، فيستغلها الخصوم ولاسيما القوات اللبنانية واستدعى للغاية المسؤولين في المنطقة وعقد سلسلة اجتماعات تهدف الى تصويب الامور ومتابعة المطالب ووقف الحملة على مواقع التواصل بعد ان ظهر التيار الوطني كتيار مذهبي داخل الطائفة الواحدة وفي مجتمع لطالما كان عنوانا للعيش المشترك.

حرب المصالح داخل بيت التيار تنحو باتجاه تصاعدي وستفرز انتخابات التيار في الاسابيع المقبلة هيئات ومنسقيات تحمل في طياتها الصراع المحتدم بين الاجنحة.