" ليبانون ديبايت" - كارلا الزين

التطاحن حول بنود الموازنة و"أدوات" خفض عجزها لا يُقارن بشئ مع المعركة المقبلة لمجلس الوزراء: التعيينات الادارية. هنا سيحكم العهد الحالي قبضته على مفاصل "السلطة" من داخل مكاتب المديرين العامين ورؤساء المجالس... أما الخبثاء فيقولونها كما هي: ميشال عون الذي يواظب على "زرع" رجالات عهده في الادارة لن يترك هؤلاء، مع إنتهاء ولايته، بيد رئيس ليس من "قماشته" وبيته. واللبيب من "الرئيس" يفهم!

جزء أساسي من التعيينات كان قد اكتمل مع إقتراب عهد عون من الاحتفاء بعامه الثالث. حصل ذلك في الأمن والقضاء والادارة. لكن الصورة تستقيم أكثر حين نعلم أن أكثر من 40 وظيفة في الفئة الاولى ونحو 250 في الفئة الثانية تنتظر من يملأ "فراغاتها"، كما يفترض أن تشمل التعيينات مجالس ادارة نحو 47 مؤسسة عامة، كل منها يضمّ بين 3 و 7 أعضاء.

وبالتأكيد، فإن ملء الشغور لن يقتصر فقط على الوظائف الشاغرة، بل سيطال مواقع "تحت المجهر" بحكم الأداء الفاشل، وأسماء أخرى عيّنت حديثاً مع إنطلاق العهد، لكن حملة مكافحة الفساد وضعت أصحابها في خانة الاتهام المباشر بالانتفاع الشخصي على حساب مصلحة الدولة، ومنهم من تمّ توقيفه في القضاء ويلاحق بتهم فساد.

أحمد الجمال مدير التعليم العالي (عيّن عام 2002) الذي أوقفه القضاء رهن التحقيق منتصف آذار الماضي مع عدة أساتذة إضافة الى مديرة جامعة صيدون هو واحد من المدراء العامين الذين مضى على وجودهم في الادارة بين 15 و20 عاماً! واللائحة التي أعدتّها "الدولية للمعلومات" لهؤلاء الموظفين الذين "شلّشوا" في الادارات معبّرة:

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة منذ العام 1999
رئيس شركة انترا للاستثمار محمد شعيب- 2001
مدير عام الكهرباء كمال الحايك- 2002
مدير عام وزارة الصحة وليد عمار- 1993
مدير عام وزارة الشباب والرياضة زيد خيامي- 1994
رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان- 1996
مدير عام التجهيز المالي والكهربائي فادي قمير- 1999
مدير عام التجهيز في وزارة الاتصالات ناجي اندراوس- 1999
مدير عام الاحصاء مرال توتليان- 1999
مدير عام البيئة برج هاتجيان- 1999
مدير عام الاعلام حسان فلحة- 1999
مدير عام البري والبحري عبد الحفيظ القبيسي- 2000
مدير عام المالية الان بيفاني- 2000
مدير عام البريد محمد يوسف- 2002
مدير عام المرفأ حسن قريطم- 2002

وفيما التغيير سيشمل حكماً جزءاً من هذه المواقع، فإن أمام الحكومة ما يكفي من "الألغام" لتأخذ طبخة التعيينات الوقت الأكبر من النقاشات عليها والأخذ والرد خارج طاولة مجلس الوزراء.

والجبهات ستكون مفتوحة وفي كل الاتجاهات:

- مسيحية-مسيحية في ظل أمر واقع يحاول "العونيون" فرضه: نظرية "الرئيس القوي" ستطبّق في الادارات والمؤسسات العامة والوزارت أيضاً. لم يعد الأمر سراً، والوزير جبران باسيل هو قائد حملة تطبيق هذه النظرية. فحجم كل كتلة نيابية سيفرض نفسه عند فتح بازار التفاوض، ولذلك يسلّم العونيون بأن الحصة المسيحية الأكبر ستكون من نصيبهم عبر الأتيان بموظفين محسوبين عليهم "إنتقاماً" من مرحلة كاملة من العزل والتطويق!
والمواقع المسيحية الأساسية التي يشكلها الشغور هي: لدى الموارنة (رئيس مجلس شورى الدولة، رئيس المجلس الدستوري، المدير العام رئيس فرع الشؤون الوزارية في رئاسة الحكومة، رئيس المعهد الوطني للادارة، المدير العام للحبوب والشمندر السكري، نائب رئيس مجلس الانماء والاعمار، رئيس اللجنة الادارية للمشروع الاخضر، رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمؤسسة المحفوظات الوطنية، رئيس المؤسسة الوطنية للاستخدام...
ولدى بقية الطوائف: رئيس المركز التربوي للبحوث والانماء، مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، الامين العام لمجلس الانماء والاعمار، رئيس الصندوق المركزي للمهجرين، المدير العام ورئيس مجلس إدارة "تلفزيون لبنان"، رئيس فرع الامانة العامة في رئاسة الجمهورية، المدير العام للطرق والمباني في وزارة الاشغال، رئيس الفرع الفني في رئاسة الجمهورية، رئيس لجنة بورصة بيروت...

-جبهة "حركة أمل"-"حزب الله" في ظل مناخات تفيد بأن الحصة الشيعية لن نكون بغالبيتها الساحقة، كما العادة منذ التسعينيات، لصالح الرئيس نبيه بري، حيث سيدخل الحزب وللمرة الاولى كشريك مضارب بالتزامن مع إنخراطه الكبير في الملفات الداخلية على رأسها مكافحة الفساد...أما أبرز المواقع الشيعية الشاغرة: لدى الشيعة مدير شركة "انترا"، نائب حاكم مصرف لبنان، نائب رئيس مجلس الانماء والاعمار، المديرالعام لإدارة حصر التبغ والتنباك (الريجي)، ، المدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه، مدير بنك التمويل، المدير العام للمغتربين، المدير العام للتعليم المهني والتقني، رئيس فرع الشؤون القانونية في مجلس الوزراء...

- أما على جبهة "تيار المستقبل" فبالتاكيد للرئيس سعد الحريري شركاء مضاربين، وهو سيخوض أيضاً مفاوضات على مواقع مسيحية محسوبة عليه في بعض الادارات... أما أبرز مواقع الشغور لدى الطائفة السنية فهي: مدّعي عام التمييز، رئيس مجلس الانماء الاعمار، مدير عام وزارة السياحة، مدير عام المجالس المحلية والبلديات، مدير عام رئاسة الحكومة، مدير عام وزارة العدل، نائب حاكم مصرف لبنان، رئيس فرع الشؤون القانونية في رئاسة الجمهورية، نائب حاكم مصرف لبنان، رئيس مؤسسة "إيدال"، مديرعام التنظيم المُدني...

ويتوقع مطلعون حصول نوع من الكباش بين الحريري وباسيل في أكثر من موقع، إضافة الى معضلة عدم حسم طائفة بعض المواقع، والنقاش الدائر حول الفصل بين موقعي رئيس مجلس إدارة شركة "ميدل ايست" والمدير العام للشركة (يعودان حالياً للطائفة السنية)، والخلاف في البيت الداخلي الدرزي حيث دخل النائب طلال إرسلان والوزير السابق وئام وهاب بقوة على خط "مزاركة" النائب السابق وليد جنبلاط، مع العلم أن وهاب كان أطلق قبل فترة موقفاً مهادناً بشأن تعيين رئيس أركان الجيش حيث أكد أن العميد أمين العرم "بسبب أقدميته وكفاءته يستحق رئاسة أركان ​الجيش​ وهو وعد قطعه فخامة الرئيس خلال ​تشكيل الحكومة​ وما نتمناه أن تكون التراتبية والكفاءة هي المعيار في كل التعيينات وهذا ما يجب أن يلتزم به الجميع"، محذراُ في الوقت عينه من أن "مرحلة التعيين المزاجي قد ولّت الى غير رجعة".

يذكر أن من المواقع الشاغرة لدى الطائفة الدرزية قاضي التحقيق العسكري في المحكمة العسكرية والذي شغر بعد استقالة القاضي رياض ابو غيدا)، نائب حاكم مصرف لبنان، المدير العام للجلسات واللجان في مجلس النواب...

ووفق العارفين، الحديث الجدّي في التعيينات الادارية لم يحصل بعد، وسيصعب في هذا السياق الخروج بسلّة كاملة وشاملة، بل بالمفرّق. ولا يبدو ان هذه التعيينات ستختلف عن سابقاتها لناحية المحاصصة الفاضحة. وفي وقت تُرِكت بعض المواقع شاغرة قصداً بهدف تعيين من يجب تعيينهم في ظل العهد الحالي، ترصد ظاهرة تعيين موظفين يحملون بطاقات حزبية ولم يستقيلوا حتى الآن من مهامهم الحزبية ما يشكل مخالفة صريحة لقانون الموظفين!