"ليبانون ديبايت" - صفاء درويش
على وقعِ نيلِ حكومة الرئيس حسّان دياب الثقة، يختلي تيّار الحريريّة السياسيّة بنفسهِ سعيًا لإعادة تنشيطِ دورتهِ الدمويّةِ. فبينما تبحث البلاد والعباد عن سبيلٍ لإعادة جدولةِ استحقاقاتِ اليوروبوند، وبينما ينتظر لبنان نصائح صندوق النقد وتخوّف المواطنين من اجراءاتٍ قاسيةٍ عليهم تطاول سعر ربطةِ الخبز وصفيحةِ البنزين، يمضي تيّار المستقبل قدمًا في طريقِ انتقامهِ من التيّار الوطني الحر والنائب جبران باسيل في استمرارٍ لحملةِ "المستقبل" عليه.
ولأنَّ طبق الإنتقامِ يؤكَل باردًا كان لا ضيرَ لـ"المستقبل" من الإنتظارِ طوال هذه الفترة ريثما تجتمع عوامل الضربةِ المرجوَّةِ، والتي يُراد لها أن تكونَ بعصفورَيْن، الأوّل يصيب العونيين بتراجعٍ والثاني يحلِّق بالحريريين نحو السلطة من جديد.
ولهذا، بدأ "المستقبل" منذ فترةٍ بتصعيدِ لهجتهِ تجاه باسيل، راميًا نحوه معظم أسباب فشل الحكومة الماضية. وبمسارٍ تصاعديٍّ، بدأت الإتهامات تتوجَّه بلهجةٍ استعدائيّةٍ للتيار الوطني الحر.
صحيحٌ، أنّه ليس لدى الحريري أدوات اعلامية أو سياسية ناجحة اليوم، ممّا يضطره لتمرير رسائلهِ المباشرة وغير المباشرة في دردشةٍ مع الصحفيين بين وقتٍ وآخر، إلّا أنّ الهدفَ من الحملةِ كان دائمًا ما يُسجَّل في الشباكِ البرتقالية.
ستبلغ هذه الحملة ذروتها في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري يوم الجمعة، إذ سيكون لسعد الحريري خطابًا "طنّانًا رنّانًا" سيسرق الأضواء من الشارع وكذلك من الحكومة المشكّلة حديثًا.
ويكشف مصدرٌ قياديٌّ في "المستقبل"، أنّ الحريري يدأب على الإشرافِ على تحضير الخطاب بنفسه مشدّدًا على نقاطٍ عدّة أهمها، إظهار باسيل بأنّه المُسبِّب الأساسي لعرقلةِ المشاريعِ الإنمائية في الحكومة الماضية، كما تصوير التيّار الوطني الحر وعهد الرئيس ميشال عون كأبرز الخاسرين في هذه المرحلة، كون "المستقبل" الخارج نحو المعارضة سيبقى بعيدًا كلّ البعد اليوم من الضغوطِ فيما ستحمل الحكومة "التكنوباسيليّة" وِزرَ ثلاثين عامًا من تراكمِ الأزماتِ.
بالطبع، لن يقتصر خطاب الحريري، الموصوف بـ"الطويل" مُقارنةً مع خطاباتِ السنواتِ الماضيةِ، على باسيل وحده، بل سيتطرَّق إلى عددٍ من المواضيعِ أهمّها أحقّية مطالبِ الثورة، إذ سيغمز من ناحيةِ أنّ استقالته كانت التجاوب الوحيد مع الناسِ. وسيعمد الرجل الى مغازلةِ الشارعِ، وكذلك الخارج. إذ أنّ الحريري السّاعي على خطِّ بيروت - باريس لإعادة تطبيعِ علاقاتهِ مع الرياض لن يوفّر فرصة الخطاب من أجل تمرير رسالةِ التوبةِ، هو الآتي من بيتٍ سياسيٍّ لم يخلع عباءة المملكة يومًا.
بالنسبةِ الى حزب الله، يرى المصدر، أنّ الحريري مضطرٌ لمهاجمةِ الحزب في العلن لأهدافٍ شعبيّةٍ سُنّية وكذلك "مصلحيّة خارجيّة"، إلّا أنّ سقفَ هذا الهجوم لن يكون جديدًا أو مفاجئًا لقيادة الحزب التي رسَمت في الأعوام الأخيرة حدود التصعيدِ جيّدًا مع مرشّحها الدائم لرئاسةِ الحكومة.
أمّا تجاه الحكومة، فبدأت ساعة بيت الوسط عدّها التنازلي للإنتقال إلى السرايا الحكومية حيث استشرفَ الحريري من أجواءِ من سمّوا حسان دياب أنّ المهل التي أُعطِيَت للرجل من أجل تحقيقِ انجازاتٍ حقيقيّةٍ قصيرةٌ جدًا.
على صعيدٍ مُتَّصل بالحملةِ على "الباسيليّة السياسيّة"، كما يسمّيها المقرَّبون من الحريري، يكشف المصدر، أنّه وبالتوازي مع مواقفِ الحريري الإبن ستخرج في الأيّامِ المقبلة تصريحات من جانبِ شخصيّاتٍ سُنّيةٍ من بينها رؤساء حكومة سابقين تُندِّد بما سيسمَّونه "استئثار" باسيل بالسلطةِ.
في هذا الإطار، يبدو أنّ قيادة "المستقبل" قرَّرَت ولغايةٍ في نفسِ "سعد" أن تعودَ إلى التمسّكِ بحقوقِ الطائفةِ، من بابِ مراجعةٍ حصَلَت تفيد بأنّ تسلّقَ باسيل حكوميًّا، بحسب وصفِ المصدر، لم يكن سوى تحت عنوان "استعادة الحقوق". من هنا، يسعى الحريري جديًا لإكمالِ طوقٍ كاملٍ من "الرفضِ والكرهِ" السُنّيَيْن تجاه باسيل.
حيث أنّه، بين خطاب الحريري، وبين الجبهة السُنّية في مواجهةِ العهدِ، يشعر تيار المستقبل اليوم، أنّه الأقوى من الخارجِ، فيما ترزح الضغوط على كاهلِ التيّار الوطني الحر، فمَن سيخرج أقوى من صراعِ الكتلِ الكبيرة هذا؟!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News