Beirut
16°
|
Homepage
"التيار" في مهب "قيصر"..
عبدالله قمح | الاربعاء 03 حزيران 2020 - 1:04

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من الواضح أن قانون "قيصر" قد صُمم على قياس يؤدي غرض إيذاء سوريا ومن يتعاون معها بإستخدام سلاح العقوبات، وعلى الأرجح، لم يكن هذا القانون ليولد لو أن التفوق السوري في الميدان أصبح أمراً واقعاً لا مفرّ منه. وطالما أن الدول قائمة على المصالح، فمن البديهي إذاً أن لكل شيء ثمن، واليوم على دمشق ومن معها دفع نصيبها من هذا الثمن!

في الواقع، أن "قيصر" هو كناية عن مجموعة مصالح متشابكة تريد واشنطن تحقيقها في سوريا. حضور القانون في وقتٍ تندفع فيه دول عديدة تتقدمها "خليجية" إلى إعادة ترميم علاقتها مع دمشق، يُعطي إنطباعاً حول وجود نية أميركية لفرملة أي إندفاعة أو مشاريع "تطبيع" مع الحكومة السورية لاحقاً وإستطراداً منع نشوء مصالح استثمار مشتركة في مجال إعادة الإعمار، ولبنان ليس معزولاً عن هذه الدائرة بالطبع طالما تربطه اتفاقات ومصالح مشتركة مع دمشق.


وفي الحديث عن إعادة الإعمار هناك مكاسب إقتصادية طبعاً. في العادة تستفيد منها الجهات المصنفة رابحة في الحرب. في واقعنا الحالي تُعد سوريا وحزب الله وروسيا وإيران درّة الفائزين، والفائز طبعاً له حق امتلاك معظم الاسهم وله حرية توزيعها على الشركاء. والأسهم عبارة عن شركات تؤدي لاحقاً الغرض من إنشائها، أي الإعمار، وطالما أن واشنطن تندرج ضمن خانة الخاسرين ولا مكان لها في قالب الجبنة، إذاً فالحل هو في إدراج القالب كله على لوائح العقوبات بما يحول دون تمكين أي من اللاعبين أو "الشركاء" في الاستفادة منه!

و"قيصر" ليس استثناءاً على سلم العقوبات فقد سبقه إلى المهمة نفسها آخر "أخ شقيق" إسم "قانون محاسبة سوريا" من مواليد عام 2003، يتضمن نفس المندرجات تقريباً، ما يوحي أن "قيصر" ليس "لقيطاً" بل هو كناية عن "مسودة منقحة" عن القانون القديم استخرجت من الخزائن واختيرَ لها اسم جديد.

من المفارقات، أن التيار الوطني الحر زمن المنفى كان قد ساهمَ على نحوٍ واضح في تركيب "القانون الأب" جينياً حين لجأ العماد ميشال عون إلى الكونغرس من أجل حشد تأييدٍ أميركي يسهم في الضغط من أجل إنسحاب الجيش السوري من لبنان. الآن تغيرت الأحوال، بات ميشال عون رئيساً للجمهورية في بعبدا وحليفاً لدمشق، مهدداً على الأرجح أن تطاله وتياره بنود القانون الذي ساهم في ولادته! لذا، يُسارع التيار الوطني الحر الى إنقاذ نفسه من الوقوع في شباك قانون هو بمثابة أب شرعي له.

والتيار ليس بعيداً عن ثقافة الاستثمار في الورشة السورية طالما أنه حليف للمحور الفائز. باكراً بحث عن حصته، مثله مثل غيره من اللبنانيين المقاولين أصحاب الشركات الذين زحفوا نحو دمشق ظاهرين أو مستترين قبل أن تحل عليهم لعنة "قيصر" لتجبرهم على إعادة حساباتهم. في وضع مماثل، يجد الأميركي بيئة مؤاتية لفرض ابتزازه وتمرير مطالب سياسية.

يعلم النائب جبران باسيل أنه وتياره موضوعان على لائحة الاهتمام الأميركية نسبة لعلاقتهم مع حزب الله وسوريا. في تقدير واشنطن، أن "التيار" يمنح الحزب الغطاء المسيحي اللازم وان تجريده من هذا الغطاء يُسهم في "عزله" داخلياً. لذا يجد ظروفاً طبيعية للاستثمار على مستويين تهديدي - تهويلي بالعقوبات على شركاء الحزب، وانفتاحي لا يخرج عن دائرة الاهتمام نفسها. في الأخير، طالما أن التيار يُعد حليفاً لحزب الله إذاً هو مُدرج على لوائح العقوبات "مع وقف التنفيذ".

من الملاحظ أن كوادر في التيار باتوا بصورة التوجهات الأميركية الجديدة، ولم يعد خفياً أن الضغوطات بدأت تتسرب إلى عمق القيادة السياسية للتيار الذي بات يُدرك أنه مستهدف، بدليل النقاشات التي تدور منذ مدة داخل "ميرنا الشالوحي" حول الجدوى من إبقاء العلاقة مع حزب الله على الدرجة نفسها. باستثناء باسيل الذي ما زال يراهن على التوازن في العلاقة بين الحزب والأميركيين، بات جزءاً من قيادته يميل صوب تمييز العلاقة مع الحزب على أن يكون ذلك لفترة من الزمن بذريعة حماية النفس، وليس كلام دائرة أسود - عون - عطالله إلا ترجمةً لهذا الجو.

مع ذلك، يسمح بتوزيع أدوار ضمن حدود معينة مهمتها إظهار "التمايز المستجد" بين الحزب والتيار والبناء على مفاعيل تمايز مماثل طالَ دمشق في وقتٍ سابق املاً في إستثمار كل ذلك على الطاولة الاميركية. يُدرك حزب الله والقريبون منه الواقع جيداً ويتعاملون معه على أساس أنه "حاجة عونية" أو مصلحة مرحلية. في المقابل يقرّ العونيون بصعوبة موقفهم.

يعلم الأميركي كيف يدير الابتزاز وكيف يُحصّل المكاسب منه إذاً. التيار هو الآخر يُعلم أن حدود اللعب مع الأميركي محدودة وخياراته التفاوضية ضيقة، لذا يتقدم نحوه طمعاً في إرساء معادلات جديدة تقيه لهيب الصيف القادم. على المقلب الآخر، يُدرك الاميركيون ضيق حال التيار وحساسية موقعه وحاجته إلى الغرب وخشيته على مصالحه وحضوره الداخلي وحرصه على إبعاد بيئته عن شرور العقوبات. انطلاقاً من هذا الواقع يدير الأميركيين اللعبة بدقة عبر توظيف أكثر من قناة، شينكر وأمثاله. تارة يبادرون إلى التقدم وفرض الشروط وأخرى يتعمدون تهدئة مخاوفه. أنها سياسة العصا والجزرة!

مع ذلك يُراهن التيار على جملة علاقات مع الاميركيين تبدأ من السفارة الاميركية والسفيرة دوروثي شيا والزيارات والهواء المفتوح والرسائل المتطايرة وتخصيصها التيار بهامش واسع من الحركة وتوليها إدارة العلاقة مع واشنطن وتنظيمها والتخفيف من مخاوف التيار وتنتهي بأصدقاء في واشنطن يفاوضون التيار على "المعابر الشرعية" للخروج من الضاحية.

في الخلاصة، التيار في موقعٍ سياسي لا يُحسد عليه.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
بعد الحادثة الأليمة... أول تعليق لوزير الإتصالات! 9 بخاري يقاطع السنّة 5 عطلة رسمية بمناسبة "عيد المقاومة والتحرير"! 1
خطةٌ لترحيل عدد من المساجين السوريين... البيسري يكشف! 10 باسيل لم يحصل على الإعتذار… ويتراجع! 6 "علاقة حميمية" تثير البلبلة في بلدة جنوبية! 2
إقفال وإنذارات... مكافحة فوضى النزوح بدأت! 11 فيديو لمجموعة شبان أشعل الرصاص في عكار! 7 "حذار اللعب بالدين"... بيانٌ من الإفتاء الجعفري بشأن "شادن فقيه"! 3
انخفاضُ في أسعار المحروقات! 12 إجتياح رفح: قطع الإتصال فوق الأرض وتحتها 8 بنك أهداف قوي... و30 ألف قتيل! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر