"ليبانون ديبايت - صفاء درويش

ليست أمرًا هامشيًا، وليستً ملفًا شائكًا يمكن تأجيله. قد توازي أزمة النفايات اليوم في لبنان مسألة تأمين المواطن لطعامه وشرابه ووقوده ودوائه، لا بل تدخل بصلب أمنه الصحي والإجتماعي. هذا ما أهملته حكومة حسان دياب، ومن خلاله تجني على نفسها وعلى المواطن. 16 مترًا بات ارتفاع جبل النفايات في مطمر برج حمود الممتد على مساحة 200 ألف متر، أمّا الحلول فلا هي تطبيق لخطة الحكومة عام 2006 ولا هي تطبيق للفرز من المصدر ولا حتى لأي خطة أخرى تقي شر السرطان عن اللبنانيين.

ما تسعى إليه الحكومة اليوم هو تدوير مناطقي للسرطان، فإمّا إبقائه في برج حمود أو نقله كما كان سابقًا إلى الناعمة، وهو ما لن يمر بكلا الحالتين. معركة فتحها اليوم النائب عن المتن الشمالي الياس حنكش ومن الواضح أنه سيستمر بها بإصرار حتى النهاية، واضعًا وزير البيئة ومن خلفه الرئيس حسان دياب أمام حلّين لا ثالث لهما: الفرز من المصدر أو الفرز من المصدر، مع ما تلحق بهذا العنوان الكبير من خطط عملانية لإستثمار النفايات لا سرقتها.

تأمّل اللبنايون خيرًا يوم تشكيل الحكومة، ساعة أُعلن أن وزارة البيئة سُتسند للخبير الآتي من المجتمع المدني، ذات الصيت الحسن، دميانوس قطار. اليوم، هذه الآمال تتبدّد شيئًا فشيء والسبب هو عدم الإنجاز في ملفات حياتية تهدد صحة المواطن اللبناني. ملف النفايات والذي ينقسم إلى قسمين أساسيين: قسم يتعلق بمالية الدولة وآخر بالبيئة والصحة العامة، ما زال يفتقر حتى اليوم إلى حلول فعلية. أمام الحكومة مهلة ستة أيام لإيجاد الحلول ولكن هل هي فعلًا ممكنة؟

لبنان بحسب الارقام الرسمية ينتج يومياً 7340 طنا من النفايات اي ما يعادل كيلو و400 غرام بالفرد الواحد، أما الدراسات الموثوقة فتتحدث عن إنتاج الفرد 0.7 كلغ اي ما يعادل 4 الاف يومياً. من هنا تبدأ الفضيحة، يسأل حنكش "اين يذهب هذا الفرق؟من يراقب الاوزان، وزارة البيئة مجلس الانماء والاعمار او شركات مدققة اخرى؟" يجزم الرجل أن الفرق يذهب الى جيوب المستفيدين من الملف ما يطرح علامات استفهام كثيرة عن ادارة هذا الملف والسماسرة والمتعهدين ومن يقف وراءهم.

في الحلول يتبيّن أنّ 80% من نفايات لبنان يتم طمرها، لهذا السبب نصل الى القدرة الاستيعابية بشكل سريع، في وقت يمكن الاستفادة من 89% من النفايات. في الواقع الذهاب إلى مراكز للفرز يحد كثيرًا من المشكلة ويبدأ بالفعل في معالجتها. هذا الأمر ليس بالمستحيل إذ إن بلديات كبلديتي بكفيا وغوسطا قد طبقوها بالفعل.

ترمي هنا مصادر حكومية المشكلة على البلديات، على اعتبار أنّها مسؤولة عن نفاياتها. حسنًا، ففي حال أُريد تطبيق اللامركزية في الإدارة والقرار على ملف النفايات وحده دون غيره، على الحكومة تحرير أموال البلديات المحتجز بعضها والمحوّل بعضها الآخر إلى المتعهدين وذلك لمستحقيها الأصليين الفعليين.

الحكومة التي تبحث اليوم عن مناطق متاحة لتطمر فيها، والناعمة إحداها، توافق دون هوادة على كلفة طمر هي 110 دولار للطن الواحد، بعدما كانت 145 قبل العام 2015. فلو سلّمنا جدلًا أن تصحيحًا للرقم جرى في العام 2015 من يعيد إلى الخزينة العامة الفرق المقدّر ب3 مليار دولار منذ بدء المعالجة بهذه الطريقة؟ وبعيدًا عن التسليم بأرقام الدولة، لماذا يطمر الأردن طن النفايات ب 22 دولار وتطمر تونس ب7 دولار والجارة سوريا ب 21؟ هل نفايات شعوبهم تختلف عن نفايات بلادنا؟ الإختلاف هو فقط بالمسؤولين.

رفع الياس حنكش الصوت، ويرفع اللبنانيون يوميًا دعواتهم إلى الله ليخلّصهم مما أتت سلطتهم عليهم به. أمام الحكومة ستة أيام، وبحسب المعلومات فأهالي منطقة الناعمة والمحيط لن يسمحوا بفتح مطمر منطقتهم، والكوستا برافا رفع العشرة، فما هو الحل السحري الذي سيخرج به دميانوس قطار ومعه رئيس الحكومة حسان دياب؟ الواقع يقول أن النفايات باقية طالما الحكومة بأدائها الحالي باقية.