Beirut
16°
|
Homepage
الحريري ضَحيةُ مُراسلةٍ "روسية"؟
عبدالله قمح | الثلاثاء 29 أيلول 2020 - 2:00

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

قدّم السفير مصطفى أديب إعتذاره إذاً عن تأليف الحكومة...

يوم الأحد، نام آخر ليلة في "فندق لاهويا" مرتاح البال قبل أن يغادر فجر الاثنين على متن أول رحلة متّجهة إلى برلين وعلى الأرجح أنه لن يعود.


في المقابل، صديقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يكن في الراحة النفسية ذاتها. قضى "الويك آند" يحتّله الغضب الشديد. ماكرون مهزوم، وقد عبّر عن هزيمته في مؤتمر صحفي خلا من الحد الادنى من اللياقة الدبلوماسية. كان فجّاً، وتلك الفجاجة ما هي إلا تعبير ساطع عن الصفعة بل الهزيمة التي تلقّاها في بيروت.

القضية ليست بالنسبة إلى "رجل الاليزيه" قضية تشكيل حكومة في لبنان، بل القصة تعود إلى وعد "ضربه" على صدره أمام شعبه والغرب واعداً بتحقيق انتقالة سياسية سلسة وبضمانة فرنسية في بيروت. أتت النتيجة سلبية وسلبية جداً وعكسية تماماً و مخيّبة لآماله. لذا تعاطى وفق ردود الفعل. لم يجد أمامه سوى حزب الله لتلبيسه أسباب الفشل محاولاً تجريد نفسه من المسؤولية ثم الاهانة التي قد يواجهها من جراء عدم قدرته على تحقيق وعوده.

حتّى أن من وضعَ الثقة به ترك المضمار وخرج. السفير برتبة مكلف سابق شطبَ إحتمالات التكليف مجدداً من قاموسه حين غادر إلى برلين فجراً. هي علامة شديدة الوضوح حول إستقالة أديب من "المَهمة" نهائياً. الرجل كان ارسل إشارات من هذا القبيل لا سيما خلال لقائه الثاني مع "الخليلين". قال لهما: "أنا لا أخطط كي أكون رأس حربة في مواجهة أحد في الداخل".

فهم الرجلان أن أديب وصل إلى إستنتاج أن ثمة من يدفعه إلى بلوغ هذا المستوى، وفهما أنه ليس من النوع الذي يحب خوض المنازلات الكبرى. بدا لهما أن الرجل مغلوب على أمره وأيقن بعد وقت أن ثمة من يدفعه لخوض مواجهة لا تأتي على قياس مصلحته. عملياً، لا يريد أديب خسارة ما راكمه طوال سني سفارته في برلين من علاقات تجمعه مع مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية الممثلة للجسد اللبناني هناك. ببساطة، لا يقوى الرجل على خوض المنازلات الكبرى لصالح أحد، فاختار الخروج.

خروج أديب أدخل الوضع اللبناني في عقم سياسي. حالياً، لا أسماء محددة لتولي المهمة. على الأرجح لن يكون هناك أسماء طالما أن هوية ساكن البيت الابيض الجديد غير واضحة بعد. الأمر الاسوأ أن الثنائي الشيعي مثلاً الذي اختبرَ المبادرة الفرنسية ورد فعل ماكرون خلال مؤتمره الصحفي، لن يدخل في المفاوضات الجديدة وفق الشروط ذاتها.

ثمة مشكلة أخرى، رئيس الجمهورية الذي رفع سقفه كيف سيجد مرشحاً لعرضه على "التسمية" مجدداً ما دام ان الشروط هي نفسها؟ المشكلة الأكبر أن احتمالات إيجاد شخصية من طراز حسان دياب أو مصطفى أديب باتت صعبة المنال، وهناك إعتقاد أن أحداً لن يتقدم إلى ميدان يهدد بإحراق كل من يقترب منه.

مع ذلك، يصنّف الرئيس سعد الحريري من بين الفائزين في منازلة أديب. من المفارقات أنه يتقاسم الفوز مع غريمه حسان دياب. الأخير يعدّ فائزاً لكونه جدد إعتماده في السراي ولو أنه أبلغ من يعنيهم الامر أنه في حلٍ من أي توسيع لمهام تصريف الاعمال. الحريري يُعد فائزاً كونه عاد إلى لعب دور "زنبرك رئاسة الحكومة". صحيح أن الجولة الاخيرة قد زادت من خصومه السياسيين مع إنضمام الثنائي الشيعي إلى القائمة، لكنه مع ذلك، ما زال بالنسبة إلى الثنائي المرشح رقم واحد لرئاسة الحكومة، ما يعيد تثبيت نظرية نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي.

صحيح أن الحريري قد عمّم عبر وسائل الاعلام أنه ليس في وارد تشكيل حكومة أو تسمية أحد لتشكيل حكومة، لكنه ضمنياً، يعلم أن الاجماع حوله واسع، وقد إنضمَ إليه في الساعات الماضية الرئيس الاسبق نجيب ميقاتي أحد الاعضاء المركزيين في "لقاء الاربعة". ميقاتي رسم للحريري خريطة طريق تأليف حكومة: تكنو سياسية من 20 مقعداً، 16 اختصاصيين و 6 سياسيين، وفق القاعدة التي ابلغها سابقاً الثنائي الشيعي إلى الحريري ثم أعاد تعميمها على السفير أديب.

لكن قبل أي شيء آخر، سيناريو من هذا النوع يحتاج تطبيقه في البداية إلى توافر رغبة علنية لا باطنية لدى الحريري، ويحتاج إلى خطة طريق لإقناع السعودية. في الحقيقة، ما زال الحريري مسكون بهاجس إقناع السعودية قبل أي شيء آخر. تسريب خبر الاتصال بين ماكرون وبن سلمان عبر قناة "روسيا اليوم" قبل يومين يفيد بقراءة هذا الجو والاضاءة على وجود جو يرغب في إعادة تسويق الحريري. يُسأل عن ذلك مقربون من الاليزية يشيعون هذه النظرية.

ما تمخّض لدى دوائر القرار الروسية يوحي بذلك. الخبر الذي وصفته مصادر دبلوماسية غربية لـ"ليبانون ديبايت" بأنه "مدسوس وعارٍ عن الصحة تفصيلاً ومضموناً"، تؤكد أن مصدره الجغرافية الفرنسية، تحديداً جهات تدور في فلك الرئيس الحريري تبعاً لنتيجة التحقيق الذي خضعت له مراسلة "أر.تي" في فرنسا من قبل إدارتها، بعدما تبين أن الخبر الذي ارسلته إلى موسكو تحت عبارة "مؤكد وسري للغاية" خرج من بيروت في البداية، لتقع في التأنيب هي والقناة في بثّ خبر خاطئ والرئيس الحريري في الاتهام بالمسؤولية عنه.

إذا كان الرئيس الحريري هو المسؤول عن تعميم الخبر، فيكون قد أخذ جواباً واضحاً من 3 محطات. من روسيا وانها غير معنية بتسويق إسم الحريري أو غيره رغم إعلانها السابق أنها تؤيد عودته فإعلان النوايا شيء والتطبيق على الأرض شيء آخر. سعودياً، وقد ظهر أن السعودية غير معنية به بدليل عدم تعليقها عليه، وفرنسا التي كان لها مصلحة في إظهار نفي واضح لحقيقة الاتصال. وإذا كان الحريري غير معني به، فيجدر به سريعاً تنقية فريق عمله السياسي وفق النهج الذي سيسلكه ماكرون مع فريقه الموكل إدارة الملف اللبناني درءاً لمزيد من الكوارث.
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
الإستماع إلى نانسي عجرم بإشارة القاضي عقيقي! 9 خرجوا عن الطاعة.. أم كبش محرقة جديد؟ 5 "معلومات عن هبوط طائرة إسرائيلية في مطار بيروت".. تقرير يكشف الحقيقة "الكاملة"! 1
التيار والسعودية 10 جثة "مقطّعة" في هذه المنطقة! 6 مخالفة دينية في قرية بقاعية! 2
يُرجّح أنه لبناني... معلومات عن طاعن الكاهن العراقي بأستراليا (فيديو) 11 مستجدات جريمة العزونية ...ما علاقة الزوجة السابقة؟ 7 بعد إتصال تلقتّه ابنة شقيقته... ما مستجدات جريمة العزونية؟! 3
لقاء الصدفة 12 "سريٌ حتى التنفيذ"... معلوماتٌ عن موعد الرد الاسرائيلي! 8 جريمة قتل في العزونية بتوقيع سوري... والأمور قد تخرج عن السيطرة! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر