Beirut
16°
|
Homepage
لماذا بقّ حسّان دياب البَحصة؟
ميشال نصر | الجمعة 01 كانون الثاني 2021 - 3:00

"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر

مع تحوّل مسألة تشكيل الحكومة الى مجرد تفصيل، لا يقدّم ولا يؤخّر في مشهد الانهيار العام وتحلّل الدولة، على كافة مستوياتها، السياسيّة والامنيّة والاقتصادية والماليّة، تطفو الى السطح نقمة اللبنانيين، مما وصلت اليه احوالهم، ولعنتهم على من أودعهم جهنّم، من مسؤولين بات الضرب فيهم حرام. فالأيام تمضي وكرة ثلج المصائب تكبر وفي مقدمتها انفجار المرفأ، خلافاً لتوقعات الطبقة الحاكمة ورغباتها، الساعية الى لفلفة كل "ما يحلو ويطيب لها" على الطريقة اللبنانية.

غير ان حسابات حقل الحاكمين لم تعد تنطبق وحسابات البيدر الدولي، خصوصا في نكبة بيروت، التي يبدو انها تختصر كل جوانب الازمات والكوارث والانحلال السائد في ما يُسمى دولة لبنانية، مع تجمّع مؤشرات توحي بأننا قاب قوسين او ادنى من انهيار الهيكل على رؤوس المعرقلين، مع انقلاب السحر على الساحر، واخفاء الخارج لمجموعة اوراق يستعد لفتحها في الوقت المناسب، ما سيطيح بقيادات امنية وعسكرية وسياسية، خصوصاً في حال ثبتت المعلومات التي جمعتها وكالة الاستخبارات الاميركية، بعد حصولها على عيّنات من ارض المرفأ اتت نتيجة فحصها مشابهة لعيّنات سبق اخذها من مناطق كانت تسيطر عليها المعارضة السورية وتعرّضت للقصف بصواريخ فجر ورعد وببراميل متفجرة، على ذمة ما يكشفه دبلوماسي أمني في بيروت.


وسط هذه "المعمعة"، التي صبّ قرار المحقق العدلي باستدعاء سياسيين من النوعية "المرتبة"، الزيت على نار "غرندايزر السراي" المكتوي من حكومة اللون الواحد، التي تخلّى افرقاؤها عنه بعد "حلبه لاخر نقطة"، خرج علينا رئيس حكومة تصريف الاعمال، بمواقف خلطت الاوراق، مشرّعة الباب على مصراعيه امام مرحلة جديدة من التحقيقات في كارثة المرفأ، بعد الاخذ والرد وشدّ الحبال القضائي - السياسي، على اوتار الحقن والتجييش المذهبي، مركزاً على مسألتين جوهريتين تسقطان النظريات الامنية السابقة، الاولى، حجم الكمية المنفجرة وتحديدها بـ 500 طن، والثانية، حديثه عن تفعيل الصّاعق الذي فجر النيترات، مسقطاً بذلك مبدئياً "فيلم التلحيم والشرقوطة" ، وقد سبق لنا ان كشفنا ذلك في فترة سابقة بالتفصيل. ولكن لماذا قرّر الرئيس دياب الكلام؟ وماذا يخفي من وراء خطوته؟

بادئ ذي بدء، نجح القاضي فادي صوان "بضربة معلّم" بتحقيق انجاز كبير في جرّ دياب الى الكلام المُباح، الذي يقدّم المبرّرات اللازمة لاستدعاء اي كان بعد اليوم، اذ يمكن اعتبار ما ادلى به "غرندايزر" بمثابة اخبار للنيابة العامة، بعيداً عما تشهده الساحة القضائية من جدل قانوني على خلفية الاستدعاءَين المقدّمَين من المدعى عليهما الوزيرين السابقَين علي حسن خليل وغازي زعيتر، ورفض القاضي صوان التنحي معللاً قراره بالحجج القانونية اللازمة، استعداداً لمباشرة تحقيقاته من جديد وفقاً "لدينامية" جديدة هذه المرة.

بالعودة الى كلام رئيس حكومة تصريف الاعمال، لا بدّ من التوقّف ملياً امام مسألة حجم وكمية المواد المتفجّرة، والذي بيّن تقرير مكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي انها حوالي 500 طن، فأين اختفت اذا الـ 2200 طن البقية من اصل الـ 2700، الموثّقة في محاضر الضبط والتفريغ والمصادرة؟ وكيف اختفت هذه الكميات؟

عندَ هذه النقطة يصبح الموضوع أكبر وأوسع من مسألة استهتار او استخفاف أو إهمال، من قبل وزير أو موظف.

فلِنبحَث في الفرضيات الثلاث التي يجري الحديث عنها:

1-تقول الفرضية الاولى بأن هذه الشحنة كانت ذاهبة الى المعارضة السورية، وان الباخرة التي حملتها كانت وجهتها بداية طرابلس قبل ان تغيّر مسارها باتجاه بيروت. وهنا السؤال الكبير: أين أعين الاجهزة الامنية والعسكرية من هكذا امر واختراق للامن اللبناني بهذا الحجم وعبر مرفأ الدولة الشرعي والاساسي؟ وكيف كان سيتم اخراج هذه المواد؟
هنا لا بد من الاشارة الى تقارير أمنيّة سورية تحدّثت عن ضبط أطنان من النيترات المهرّبة، مشابهة لتلك التي انفجرت، مع الارهابيين، في فترة سابقة.

2- الفرضية الثانية تقول بأن هذه المواد وصلت الى لبنان تمهيداً لنقلها للنظام السوري لاستخدامها في صناعة البراميل المتفجّرة، وهو ما أعلنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي صراحة. وتشير مصادر مطّلعة هنا الى ان قضية سفينة النيترات تشبه كثيراً ناقلة النفط التي اكتشفت قبالة الزهراني، لجهة الاسلوب والطريقة المستخدمة لوصول البواخر المحمّلة بالممنوعات الى سوريا، مع فارق ان عطلاً ما طرأ على السفينة اجبرها على الدخول الى مرفا بيروت.
وهنا سؤال اخر يُطرح، كيف يمكن ان تحصل كل تلك العمليات في ظلّ غياب الرقابة الى هذه الحدود ما يعرض الامن القومي اللبناني للخطر.

3-وجهة النظر الثالثة والتي تدعمها تقارير غربية، تتحدّث عن ان الشحنة تخصّ حزب الله لاستخدامَين مختلفَين، الاول في صناعة الصواريخ في المعامل المزعومة، والثانية، لتصديرها للخارج في اطار عمليات الحزب ضد المصالح العدوّة خارج الاراضي اللبنانية. لا بدّ من الاشارة الى المعلومات الموثقة من اكثر من دولة اوروبية عن مصادرة كميات مشابهة من النيترات مخزّنة في مستودعات ثَبت ارتباط عناصر من حزب الله بها.
هنا يطرح سؤال اساسي، لماذا قرر حزب الله تركها في مرفأ بيروت؟ الجواب وفقاً للمعنيين بأنه قد يكون من الاسهل نقلها الى الخارج في حال كانت موجودة في المرفأ.

غير ان الاهمّ من كل ذلك يبقى اين ذهبت الكميات المختفية، وهل وصلت الى الجهات المعنية بها؟ وهل لا زالت المعارضة السورية قادرة على القيام بهكذا عمليات من لبنان؟ أم ان ثمة من استفاد من الظرف وقام بسرقة هذه المواد؟ أياً كانت الاجابات الواضح ان الموضوع يبقى أمنياً بامتياز، وهو ما يعتقد انه سيكون عنوان المرحلة القادمة من التحقيقات التي ستهز الكثير من العروش.

"تغدّى المحقق قبل ما يتعشاه"، هكذا يقرأ الشاطر حسن موقف غرندايزر، رغم مسارعته الى القول "الزلمي ما صرلو بالقصر الا من مبارح العصر"... ولكن ما هي الاجراءات التي اتّخذها غير نعيه ونحيبه عن ان احدا لم يتعاون معه، بما فيه الاجهزة الامنية، علماً ان وصوله الى السراي وتركيبه حكومة هما وليدا تقاطع الامنيين، حيث يعتبر كبير مستشاريه من اهل بيتهم... ولكن لحظة، قد يكون الامن من حفر لك فأخرجك... حتّى في مقابلتك الاخيرة!
تابعوا آخر أخبار "ليبانون ديبايت" عبر Google News، اضغط هنا
الاكثر قراءة
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر