Beirut
16°
|
Homepage
وسامُ شرفٍ من رتبةِ أحمَقٍ أَكْبَر
روني الفا | المصدر: ليبانون ديبايت | الاثنين 22 آب 2022 - 7:05

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

في كلِّ لبنانيٍّ خَلايا جِذعيَّة من العَتّالِ سيزيف. صرتُ على يقينٍ بأنَّ قدرَتَنا على بَلْفِ المَوتِ أكبرُ من قدرَةِ هذا القَوَطنَجي الذي بَلَفَ عزرائيلَ مرَّتَين. نحن نبلفُ وَفاتَنا منذُ ثلاثينَ سنة كلَّ يومٍ ثلاثينَ مرَّة. سيزيف بعد إدانَتِهِ حَكَمَ عليه إلهُ الآلهةِ زوس بحملِ صخرةٍ ضخمةٍ إلى أعلى الجبل لتَتَدَحرَجَ إلى ما لا نهايةٍ من جديدٍ إلى أسفل فَيَعود سيزيف ليحملَها مَرارًا وتَكرارًا.

نحنُ أتباعُ سيزيف. حُكِمَ علينا أن نحملَ الصخرةَ صعودًا كلما تدحرجت. لا تاريخًا في الأفقِ ينبئُ أنَّنا لن نكونَ عتّالينَ الى أبدِ الآبِدين. لا بل أننا بِتنا نتلذَّذُ بالصخرةِ على أكتافِنا. على الأرجحِ أنَّ أَوَّلَ غشّاشٍ للمَوت وُلِدَ في دَسكَرةٍ لبنانيَّةٍ فاستفزَّ زوس. نحنُ شعبٌ " بَلّيفٌ " للموت. يُضَيِّعُ أَثَرَنا كلَّما لعِبنا معه. يريدُ أن يخبرَنا بأنه أرحمُ ألفَ مرّةٍ علينا من الحياةِ التي نعيشُها. نضيِّعُ سَمَا ربِّهِ دائمًا في الغمّيضَة.


صخرةٌ تِلوَ صخرةٍ نتأهلُ بها كأنها من أقاربِنا اللزَمِ وَمِن عِظامِ الرَّقبَة. نحملُها فتنحني رقابُنا وتقوِّسُ ظهورُنا لكننا نمشي. صبرُنا صبرُ الحَميرِ وذاكرَتُنا ذاكرةُ السَّمَك. بِتْنا نتلذّذُ بِسقوطِ أحلامِنا المتكسِّرَة. نلمُّها وَبدلَ ان نبكيها تبكينا. نقرأُ روديارد كيبلينغ كلَّ يومٍ ولا نتذكّرُ سوى البيت الأخير من قصيدتِه " إذا " أي البدءُ من الصفرِ مُجَدَّدًا. نحنُ الصّفرُ الممنوعُ من الجلوسِ على مقاعد اليَمين. صِفرُنا على الشِّمال ولا ينفكُّ يتكاثَر. نحنُ أسطوانةُ أغانٍ رَوكَبَت أغنيَتُها على جملةٍ واحدة. لا تهزُّ بدَنَنا خضّاتٌ ولا حرائقٌ ولا زلازلٌ ولا انهيارات ولا فيضانات ولا افلاسٌ ولا إفقارٌ ولا رصاصٌ ولا إغتيالات. فولاذٌ يدخُل في تَركيبَةَ أعصابِنا ويصحُّ أن نُعرَضَ على مراكزِ الأبحاثِ العالميةِ لدراسةِ كروموزوماتِ تكوينِنا العصبي. كيفَ يمكنُ للتَّيسِ الذي يسكُنُنا أن يصمدَ على حالٍ واحدةٍ متحديًا الطبيعةَ ونظريةَ النشوءِ والإرتقاءِ لداروين. نحنُ حطَّينا وِزكًا لتشارلز. أظهَرنا انه باستطاعتنا أَن نتجمّدَ ألفَ سنةٍ دون أَن يتغيرَ فينا شيء. دُونَ أن ينشئَ شيءٌ فينا أو يرتَقي شيءٌ عندنا. نحن من أتباعِ " كأنَّ شيئًا لم يَكُنْ ". صخرةُ عذابنا باتتْ تُسعِدُنا. نسألُ عنها إذا تأخَّرَتْ. تتغدى معنا المجدَّرة كل يوم جمعة والمَشاوي كل يَوم أَحَد. تَتَدَشَّى معنا وتغنّي " راجعْ راجعْ يتعمَّرْ راجعْ لبنان ".

أغنيةٌ هابِطةٌ نسطّلُ عليها تُنسينا جُنونَ الدولار. نميمةٌ على جارةٍ أو زميلٍ أو عدوِّ كارٍ تُنسينا فقدانَ تحميلةِ غليسيرين في الفرمشيّة. صورَةُ نَهدَينِ على مَحمولِنا تُنسينا تَنَهُّدَنا. صخرةٌ ضخمةٌ من كثرةِ تأقلمنا على حملِها تحوّلَتْ إلى بحصة. بحصةٌ لا تسندُ خابية. نحنُ أعظمُ شعبٍ يمكنُ لأيِّ شَعبٍ أن يُكاري عليه. لا نُحرَقُ ولا نُغرَق. بضاعةٌ ضَيان. رُكّوا علينا ما شئتُمْ نُجَوهِر. بين الفينةِ والفينةِ قد نحتاجُ إلى تنجيد. بطاقةُ مساعدةٍ إجتماعية، كرتونةُ إعاشَة، عُلَبُ تونا بزَيت سيّارات تفي بالغَرَض. بعد ذلك يُكتَبُ لنا عمرًا جديدًا فنحملُ من جديد صخورًا أكبرَ من صَخرَة سيزيف.

قليلًا بعد وتَشُكُّنا إبرةُ المورفين. إبرةٌ غليظةٌ فيها محلولُ مواصفاتِ الرئيس. انهم على وشك أن يغرزوها في شرايينِنا. ها هم قد نَكَحونا فيها بنجاح. قطنةٌ مبللةٌ بسبيرتو تُمَسِّدُ بحنانٍ موضعَ الشَكَّة. ستشعرونَ بالوخز. ستكونُ الإصلاحاتُ موجعةً هل تذكرون؟ لكننا على دربِ الشِّفاءِ بإذنِ الله تعالى. زوس يقهقه. نحن صعودًا ونزولًا فوق أكتافِنا صخرةٌ. من شدّةِ التّعَبِ كادت الصخرةُ تقول لنا " دعوني أحملُكُم قليلًا ". حنَّ الحديدُ على حاله والحكّامُ لم ولن يحنّوا. سيزيفُ اللبناني شخصيةُ العام. وحده يستحقُّ وسامَ الشرفِ من رتبةِ أحمَقٍ أكبر.
انضم الى قناة "Spot Shot by Lebanon Debate" على يوتيوب الان، اضغط هنا
الاكثر قراءة
نائب يودّع العزوبية بعد أسابيع! 9 الرواية الحقيقية لـ "إنفجار دورس"! 5 طائرة تهبط في مطار بيروت وعليها عبارة "تل أبيب"! 1
مرة جديدة... الجيش الإسرائيلي يستهدف بعلبك! (فيديو) 10 عملية للحزب في عمق اسرائيل... صقور متفجرة تدك القاعدة العسكرية الأكبر! 6 "الإتفاق حصل"... بو صعب سيبلغ بري بهذا الأمر! 2
200 ألف مقاتل سوري يهددون لبنان.. ناجي حايك يتحدث عن "أمر كبير" طُلِب من الحزب ويكشف حقيقة جبران! 11 رواتب القطاع العام في خطر هذا الشهر! 7 صوت قوي "يوقظ" سكان الجديدة... ماذا حصل عند "ABDO"؟! (فيديو) 3
بعد إنتحار شاب... نائب يُثير موضوع ألعاب الميسر 12 الإثنين يوم مفصلي... هل يحمل البشرى؟! 8 أرسل صوراً لـ"القبة الحديدية"... هكذا خدعت طهران جندي إسرائيلي! 4
حمل تطبيق الهاتف المحمول النشرة الإلكترونيّة تواصلوا معنا عبر