ليبانون ديبايت:
ما أن يخرج الحزب السوري القومي الإجتماعي من مشكلة حتى يدخل في أخرى. الأسباب تعود إلى وجود عقلية تسود الحكم في أحد أعرق الأحزاب اللبنانية الذي وعلى الرغم من وجود حراك دائم فيه وتعدد وجهات النظر داخله، بات يفتقد إلى الإتفاق حول قيادة جديدة تأتي من خارج النادي العادي تكون أملاً بإخراجه من هذه الدوامة.
قبل أيام، ونتيجة تجاوز دستور الحزب المستمر منذ إقتراح ترشّح رئيسه السابق أسعد حردان إلى ولاية ثالثة لرئاسة الحزب، تقدم خمسة أعضاء في المجلس الأعلى للقومي الذي يعتبر كـ"مجلس النواب"، بإستقالاتهم على خلفية المزج بين موقع رئاسة الحزب والتوزير في الحكومة اللبنانية وهو أمر يتعارض من بنود النظام الداخلي في الحزب القومي الذي يحتم على رئيسه التفرغ لعمله كرئيس ونيل موافقة المجلس الأعلى في حال قرّر دخول الندوة الوزارية.
الأعضاء الذين قدموا إستقالاتهم من المجلس الذي يضم 17 عضواً (12 يؤيدون الرئيس السابق اسعد حردان) يعتبرون من القيادات ذات الثقل في القومي وهم رئيس المجلس محمود عبد الخالق، الرئيس السابق للحزب جبران عريجي، نائب رئيس الحزب الحالي توفيق مهنا، النائب السابق أنطون خليل والقيادي قاسم صالح.
أما الخلاف المستجد، تقول مصادر قومية لـ"ليبانون ديبايت" أن "خلفياته دستورية محض" وأنه (أي الخلاف) وإن كان عميقاً لكنه "أمر مهم يدل على حيوية الحزب الداخلية". وبمعزل عن رأي المصادر القومية التي "تستبعد حصول خلاف جذري"، لكن الوقائع تشير إلى أن الخلاف السائد حالياً ناتج عن تراكمات المرحلة السابقة، اي مرحلة السير في خيار "التمديد لحردان" والذي نتج عنه فرز عامودي بين القوميين ككل.
يعود وفق أوساط قومية أسباب الخلاف الحالي إلى جمع رئيس الحزب علي قانصو (الذي أتى بتفاهم قومي بعد أزمة حردان) لمنصب رئيس الحزب ومقعد وزاري. دستورياً، يحظر الحزب القومي على الرئيس الدمج بين الموقعين دون نيل الموافقة من المجلس الأعلى وهو الذي لم يحصل في مسألة توزير علي قانصوه.
تكشف مصادر معارضة في القومي لـ"ليبانون ديبايت"، أن "أسعد حردان سعى لطرح أسمه للتوزير عن المقعد المسيحي وهو أمر لم ينجح به لعدة إعتبارات فطار المنصب من يده". هنا، كان القومي قد نال وعداً من حليفه حزب الله بتوزيره في الحكومة عن الحصة الشيعية. هنا كان الأسم الأكثر طرحاً هو الأمين العام للمؤتمر العام للأحزاب العربية وممثل الحزب القومي داخل لقاء الأحزاب، قاسم صالح. تعرض "صالح"، على ذمة المصادر، لمحاربة داخل القومي تمنع توزيره، وقبيل ساعات من إعلان الحكومة تلقى رئيس الحزب علي قانصوه إتصالاً من حزب الله يطلب منه إختيار إسم للتوزير عن المقعد الشيعي فإختار نفسه دون المرور برأي المجلس الأعلى الذي سمع أعضاءه بإسم وزيرهم عبر الإعلام!
إتفق الأعضاء الخمسة المستقيلون أن "قانصوه تجاوز الأسس الدستورية ولم يعر رأي مجلسهم إي إهتمام" ما إعتبر سقطة، لكن الأمر لدى أعضاء آخرين تجاوز ذلك وصولا لحد إعتبار أن "هناك عقلية هيمنة تتجسد في مفاهيم بعض نادي الرؤساء وكأن الحزب بات ملكًا لأشخاص". ومع ظهور علامات الخلاف، تجنب قانصوه حضور إجتماع المجلس الذي تلا عملية التوزير كي "لا يسمع الأراء المعارضة له" وهو ما زاد من نسبة الحديّة وصولاً إلى تقديم الإستقالات التي تصبح نافذة (وفق القانون) بعد 30 يوماً.
قيادة القومي تسعى إلى إيجاد حلول سريعة وهي على مسافة قريبة من الإنتخابات النيابية التي لا تريد دخولها وهي في صراع. تتوجه الأنظار إلى الروشة (مقر الحزب) يوم غد الجمعة حيث يلتئم المجلس (دون الأعضاء المستقيلون) بغية بحث الحلول، لكن المؤشرات تؤكد أن "لا إتفاق حتى الساعة على شيء" بل أن 3 من أصل 5 من المستقيلين، يعتبرون أن الحل لا يمرّ إلّا بإستقالة الرئيس الحالي "الذي تجاوز الدستور" وإنتخاب بديلا عنه، طلب، يتقاطع مع رأي مصادر قومية قريبة من الروشة التي توضح لـ"ليبانون ديبايت" أن "إستمرار الأزمة وعدم الموافقة على الإستقالة وإمكانية التمديد لمجلس النواب وتسفير الإنتخابات إلى الخريف وبالتالي إستمرار قانصوه حكومياً سيوجب حلاً يقضي بإنتخاب رئيس جديد للحزب ينهي هذه المعضلة"، كاشفةً لـ"ليبانون ديبايت" عن "وجود عشرات القادة القوميين الذين يستحقون".
الحل إذاً، وفق مصادر القومي هو إنتاج قيادة حزبية جديدة من خارج النادي القديم تكفل السير في الحزب خارج التحالفات القديمة القائمة فيه وبمعزل عن العقلية الحاكمة السائدة حالياً التي تراكم المشاكل والإشتباك الداخلي منذ توحد الحزب بجناحية على "مفاهيم مصلحية" عام 1996.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News