أمن وقضاء

placeholder

ربى منذر

الجمهورية
الاثنين 15 أيار 2017 - 08:10 الجمهورية
placeholder

ربى منذر

الجمهورية

كواليس الإنسحاب المفاجئ... وعودة الشرعية

كواليس الإنسحاب المفاجئ... وعودة الشرعية

على رغم أنّ الحرب السورية لم تنتهِ فصولاً، إلاّ أنّ الخبر السار الذي إشتاق كل لبناني الى سماعه هو إمساك الجيش اللبناني بالحدود الشرقية وحده، بعدما قدّم الشهداء في عرسال ورأس بعلبك والداخل في وجه «داعش» وأخواتها. وقد فاجأ اللبنانيين إعلان السيد حسن نصرالله عن إخلاء مراكز «حزب الله» على الحدود، إلّا أنّ القيادتين العسكرية والسياسية لم تكونا بعيدتين عمّا يدور في فلك «الحزب». وفي هذا الإطار، تكشف مصادر متابعة النقابَ عن قراءة عسكرية سياسية لما حصل قبل إطلاق نصرالله تصريحه المفاجئ، كانت قد بدأت منذ فترة اتصالات بعيدة من الإعلام حول هذه المسألة، إن كان عبر «رسائل» نقلتها الدولة اللبنانية الى الحزب أو العكس، والأكيد أنّ هذا القرار لم يكن وليد الساعة بل جاء نتيجة مراجعة الحزب الوضع العسكري للجبهات مع سوريا أو في الداخل السوري، والوضع السياسي اللبناني والتطورات الإقليمية الدولية التي تؤثّر على الداخل اللبناني وعلى وضع الحزب تحديداً، خصوصاً في هذه المرحلة.

للتوقيت أبعاد...
من هنا، أبرز ما كان لافتاً في القرار هو توقيته، إذ جاء في موازاة الدعوة التي وُجِّهت لرئيس الحكومة سعد الحريري للمشاركة في القمّة العربية والإسلامية والتي ستجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع مجموعة من القادة العرب في السعودية، ومن أهم مباحثاتها، ملف الإرهاب والتمدّد الإيراني، الذي يشمل دور «حزب الله»، خصوصاً أنه يُحكى منذ فترة عن عقوبات يُحضِّر لها الكونغرس الأميركي، وعن توسيع دائرة الناس الذين ستطاولهم.

تطويق «داعش»
والنقطةً الثانية من ناحية التوقيت، والمرتبطة بالوضع الدولي، هي انطلاق تطبيق الخطة الأميركية التي أُبلغ الروس بها، والتي تقوم على تطويق «داعش» في الداخل السوري من خلال إقفال كل حدود الدول المحيطة بسوريا، أي الأردن، لبنان، العراق، إسرائيل وتركيا.

وفي هذا الإطار، فإنّ الحدود التركية مقفلة وكذلك الحال بالنسبة الى إسرائيل، أما الأردن فيُحكى حالياً عن عملية ستحصل في هذا الخصوص، وفي لبنان فإنّ جزءاً كبيراً من الحدود مغلق، والجزءُ المفتوح هو المنطقة التي انسحب منها الحزب، حيث لم يكن هناك حضورٌ للشرعية اللبنانية فيها قبل الانسحاب، وهنا أُبلغت القيادتان العسكرية والسياسية اللبنانيتان من المسؤولين الدوليين ضرورة إقفال هذه الفجوة الموجودة على حدود الجبهة الشرقية لتكتمل هذه الخطة، ولتحصل بالتالي ضغوط من الدولة على الحزب.

إقامة منطقة عازلة
أما النقطة الثالثة فهي الحديث عن هجوم في الجنوب السوري، أي من الحدود الأردنية، وعن أنّ قوات أميركية وبريطانية وأردنية ومجموعات من المعارضة السورية دُرِّبت لتنفيذ عملية في هذه المنطقة لطرد «داعش» والمجموعات المسلّحة منها، كل هذه الأمور تحت غطاء إقامة المنطقة العازلة التي تشكّل خطراً كبيراً في الميدان على الحزب كونها قريبة من المناطق التي دخلها في القلمون والتي تحوَّلت قواعد عسكرية له، وبالتالي يسمح للأعداء بأن يصبحوا أقرب من تطويق دمشق وأقرب الى الحدود اللبنانية من جهة السلسلة الشرقية.

تهديد إسرائيلي
النقطة الرابعة هي الحديث عن تهديد إسرائيلي باستهداف هذه المناطق بعدما قوّى الحزب نفسه فيها وأصبحت مفتوحة وباستطاعته الدخول إليها والخروج منها باتجاه القلمون التي تحوّلت قلعةً له، ويُقال إنه ينشر فيها قواعد صواريخ يمكن أن تطاول الداخل الإسرائيلي، وقد نفّذ الطيران الإسرائيلي غارات عدة في هذه المنطقة في فترات سابقة.

تعزيز سلاح الجيش
من جهة أخرى، لا يمكن إغفال فكرة أنّ هذه الخطوة جاءت بعد الزيارة الناجحة لقائد الجيش العماد جوزيف عون الى واشنطن والتأكيدات على استمرار الدعم وتعزيز الأسلحة المقدَّمة للجيش اللبناني ليواجه المسلحين وينجح بدوره في المعركة ضد الإرهاب.

وفي هذا الإطار كان الحديث عن تسليم 36 مدرّعة «برادلي» مجهّزة بمدافع 25 ملم لنشرها في هذه المنطقة، فضلاً عن قرب وصول طائرات «سوبر توكانو» بعدما أنهى الطيّارون اللبنانيون تدريباتهم عليها في أميركا، وقد حضر قائد الجيش حفل تخريج عدد منهم، إضافة الى السماح بتقديم أسلحة نوعية كانت محرّمة على لبنان في السابق.

أما اليوم وبعد هذه الخطوة الذي اتُّخذت فسيكون هناك تعزيز لهذه القوى التي ستنتشر على الحدود كون الجبهة باتت أطول.

تقديم أوراق للدولة
وترى المصادر أنه إزاء كل هذه الأمور، خلُص الحزب الى أنه يحتاج أولاً في السياسة الى تقديم ورقة للدولة يمكن أن يستثمرها لاحقاً مع الحديث عن العقوبات التي يُقال إنها ستُفرض عليه، أو في التضييق الذي يطاوله في الداخل، وثانياً ليريحها تجاه الضغوط الخارجية التي تُمارَس عليها خصوصاً أن لا مصلحة لديه في انفجار الحكومة أو حصول صدام بينه وبين العهد، مع الحديث عن أنّ مسألة عدم دعوة رئيس الجمهورية وتوجيه الدعوة لرئيس الحكومة الى قمة السعودية أثارت بعض اللغط، فيما يحاول الحزب تقديم أوراق الى الدولة للخروج من هذا الضغط وإخلاء الساحة للجيش الذي أكد مراراً أنّ باستطاعته ضبط الحدود، ولإزالة ورقة تحجَّج البعض بأنّ الحزب فتح دويلة من ضمن الدولة على الحدود.

الواقع العسكري
لكنّ القراءة السياسية لا تنفي واقعاً عسكرياً موجوداً على الأرض، فالحزب يعتبر أنه حقق أهدافه من وجوده هناك كما قال نصرالله.

وتجدر الإشارة الى أنّ مواقع الحزب في هذه المنطقة، تبدأ من غرب بلدة الطفيل وجرود بريتال وحام ومعربون، وتواجه في المقلب الآخر على خط التماس، الجيش السوري ووحدات أخرى من الحزب، وبالتالي لم يعد هناك مسلحون فيها، من هنا أصبح في الإمكان الانسحاب منها، خصوصاً أنها كلفت الحزب نزيفاً كبيراً، حيث كان يضع نحو 2500 الى 3000 عنصر من مقاتليه عليها، وكانت ترتّب عليه أعباء ثقيلة طوال السنوات الخمس التي مرت، من مصاريف طعام وعتاد ونقل وأطباء وغيرها، خصوصاً أنّ الظروف المناخية في الشتاء كانت صعبة.

من هنا يتحدث البعض عن أنه أصبح بإمكان الحزب الإنسحاب منها واستعمال هذه القوى البشرية والإمكانات المادية في مناطق أخرى، والتي يُقال إنها ستصبّ في اتجاه الجنوب السوري لتشارك في عملية استباقية لمنع الأميركيين والبريطانيين والأردنيين من تطبيق الخطة التي يُحكى عنها وإحباط هذا المشروع.

عزل الأزمة عن لبنان
وما تقرأه المصادر هو أنّ خطوة انتشار الجيش اللبناني من خلال إقفاله الحدود الشمالية والشرقية بالكامل بين لبنان وسوريا بعد إخلاء «حزب الله» لمواقعه، تعزل الأزمة السورية عن لبنان من خلال الفصل الجغرافي الذي سيسبّبه وجود الجيش على الجبهة، بمعنى أنه لن تعود هناك طريق مفتوحة بين لبنان وسوريا من خارج أطر الشرعية اللبنانية.

وبالتالي يصبح وجود الحزب في الداخل السوري مرتبطاً بالتسوية السورية ولا يعني لبنان وانغماسه في المعركة، وقد يكون بداية لانسحابه من سوريا، علماً أنّ هذا القرار صعب حالياً رغم الضغوط الأميركية والروسية لسحب إيران والحزب من هناك، بعدما تكبّد خسائر مادية وبشرية لن يتنازل عنها من دون ثمن بالسياسة في المقابل.

إستراتيجية عسكرية جديدة
الاستراتيجية العسكرية الأخيرة في سوريا التي اعتمدها الحزب كانت تُبنى على أساس قيامه بمصالحات، نجحت في حالات كثيرة في التخفيف من الضغوط، مثل إخلاء مناطق معيّنة كانت آخرها القرى الأربع المحاصرة، والتخفيف من وجوده على الجبهات سيريحه أكثر في هذا الإطار.

وإحدى هذه المصالحات التي حُكي عنها كانت في القلمون، في المقابل يُحكى عن حلٍّ لمسألة انسحاب المسلحين في جرود عرسال بقيادة وتخطيط الجيش اللبناني الذي يبسط سيطرته على تلال عرسال.

وتجدر الإشارة الى أنّ الحزب ما زال موجوداً على خط حدود السلسلة الشرقية ولكن من الجزء المقابل، أي من الداخل السوري.

لا وجود مسلّحاً غير الجيش
في المقابل تؤكد المصادر العسكرية اللبنانية أنّ «المكان الذي يكون فيه الجيش على الحدود، يكون فيه وحده، خصوصاً أنه يملك الإمكانات لحماية لبنان وقد تطوّرت قدراته وأثبت هذه النقطة طوال السنتين الماضيتين، ولن يكون هناك وجود لأيِّ مسلّح أو قوة عسكرية أخرى في أماكن وجوده، والحدود ستكون من مسؤوليته ويستطيع حمايتها وردّ أيّ هجوم قد تتعرض له، ويتمّ تعزيز الوحدات المنتشرة في هذه المناطق لتحقيق الأهداف المرجوّة».

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة