المحلية

placeholder

LD
الثلاثاء 30 نيسان 2019 - 10:53 LD
placeholder

LD

قضاة لبنان... وموازنة الفقراء!

قضاة لبنان... وموازنة الفقراء!

"ليبانون ديبايت"

ربما انها المرّة الأولى، التي يجرؤ بها تجمّعٍ قضائي، في لبنان وفي العالم العربي حتى، على تناولِ خطّة إنقاذ للوضع الاقتصادي، ففي الرابع من كانون الاول من العام 2013، أتى قضاة المحكمة العليا في الولايات المتحدّة على تناول الوضع المالي العام للقضاة، كما أتى قضاة الاتحاد الأوروبي في مؤتمر الحوار القضائي في 25 كانون الثاني 2013 الذي إنعقدَ في مدينة ستراسبورغ، على مقاربة الأوضاع الماليّة القضائيّة خلال الأزمات الاقتصادية، ولكن ما قام به بعض قضاة لبنان من خلال ناديهم، في تناول الوضع الاقتضادي العام، المنتهي الى إطلاق خطة شفافة، تحدد مكامن الهدر والعمل على وقفه، يعتبر خطوة أوليّة أو "طليعيّة" في مشوار الألف ميل للإصلاح المستدام.

وما طرحه نادي القضاة في بيانه الاخير، من طروحات عدّة ومنها، رفع الضرائب على الفوائد الناتجة عن ودائع المصارف لدى مصرف لبنان، والغرامات المترتبة على التعديات على الأملاك البحرية وأملاك الدولة، وجباية الرسوم الجمركية للبضائع وواردات مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي، ووقف المساعددات للجمعيات الوهمية، وإعادة النظر بالجدوى الإقتصادية لإدارة قطاع الخلوي وكيفية إدارته وإجراء المناقصات العامة بشكلٍ شفاف، هو موضوع يستحق الوقوف عليه، سيما وانه يطرح أسئلة كثيرة حول مصداقيّة بعض الوزراء والحكومات المتعاقبة في إدارة شؤون القطاع العام، كون ان ما نسمعه اليوم، هو تزمّر بعض أهل السلطة من الزعماء السياسيين ووزراءهم، من إستفحالِ سياسة الهدر والفساد المتفشّي.

ولكن مهلاً، صحيح ان أسماء الوزراء تختلف بين حكومةٍ وأخرى ولكن الأحزاب السياسية ما برحت نفسها، كما الزعماء السياسيين المتربعين على سدّة القرار في الأحزاب تلك. وفي عملية منطقيّة بسيطة، يكون هؤلاء الزعماء والاحزاب، يوجهّون وزرائهم الحاليين الى إنتقاد وزرائهم السابقين، لإدارة وزاراتٍ، كانوا نفسهم قييمين على إدارتها!

أكثر من ذلك، فإن الامر لا يتوقّف على الحكومات المتعاقبة، بل على مجالس النواب المنتخبة منذ عقدين.

فإذا كنا نعيش في ظلّ نظام ديمقراطي، لكان يفترض على مجلس النواب في لجانه المالية والاقتصادية والامنية والصحيّة والعدلية المتعاقبة، ان يسائل في جلساتٍ علنية مفتوحة في نقلٍ مباشر، الوزراء والمدراء العامين ورؤساء المجالس من إنماء وإعمار وتنظيمٍ مدنيّ وهيئات إقتصادية ومصرفيّة عن أداء روؤسائها ومدرائها وأعضائها.

إلّا ان ذلك شبهِ مستحيل، كون نفس الزعماء السياسيين الذين عينوا الوزراء الحاليين والسابقين، لديهم نوابهم أكانوا سابقين أم حاليين، فمن سيحاسب من؟

طبعاً لا أحد سيحاسب أحد، فنحنُ نمارس نظاماً ديمقراطياً توافقياً، أي نحن أمام توافقٍ حكومي نيابي على غضّ النظر عن مكامن الفساد والهدر والسرقة ونهب الأموال العامة، وبالتالي نسأل وزرائنا الطوباويين، من هي الجهّة التي سرقت خزانة الدولة منذ ما يقارب ثلاثة عهود؟ متقاعدي القوى المسلحة؟ قضاةَ الحكم المنهكين؟ امّ موظفوا الدولة الذي تخطاهم خط الفقر؟

والغريب، انه ما زال لهؤلاء السياسيين والزعماءِ والوزراء "زلم" ينزلونَ الى الشوارع للدفاع عن هذا البيك وذاك الشيخ، الذين فاضت حساباتهم في الخارج.

وهنا نسال روؤساء الوزراء كافة، كم وزيراً خرجَ من وزارةٍ كان يدير، الا ويملك بيتاً في لبنان والخارج وحساباً مصرفياً في مصارفٍ عدة في أوروبا أو في بعض الجزر ذات التسهيلات المصرفية المعروفة ويدفع تكاليف تعليم أولاده في جامعات أجنبيّة فاخرة ويقود هؤلاء سيارات أخر طرز ويأخذون حمّام الشمس على يخوت الترف والهدرِ.

وكم من نائبٍ وقّع على عريضة تبيّن مكامن الفساد وسرقة المال العام في ولايتهِ النيابية؟ وكيف ان ضباطاً وموظفين رفيعين وبكل وقاحة يبددون ملايين الدولارات على إحتفالات مناسباتهم العائلية؟

للأسف، لم يحرصوا هؤلاء الا على "بلِّ" يدهم بلقمةِ أم الشهيد، وبفلسِ الارملة وبدرهم الموظف المحروم وبمخصصاتِ قاضٍ يبخلون عليه بالعيش الكريم حتى لا يرتاح له بال ويحكم بالعدل بل ليبقى سجين أهواء السياسيين وطلباتهم وهداياهم القيّمة.

فبدلَ ان تكون الموازنة تحمل عنوانَ التقشف الحكومي، يطرح هؤلاء اليوم موازنة تمد يدها بوقاحة على جيب الفقير ومعدوم الحال، نعم صاحب السلطة يرغدُ في عيشه والمواطن يغرق في فقره.

فهؤلاء حصّنوا أنفسهم إعلامياً بعدد المؤسسات التي يملكون، وجنّدوا قوىً من ميليشياتِ وغيرها، في سبيل درءِ أي تحركٍ شعبيّ، وطوّعوا بعضَ القضاةً والموظفين لقوننة عمليات النهبِ والسرقة.

الحاكم يسرق من جيب الشعب ويحاسبه على ذلك! ولكن... مع كل ذلك لن نفقدَ الامل، بنوابٍ ووزراء يسعّون الى درءِ الهدر، بقضاة يتوسمّون القانون لمكافحة الفساد وبضباط وعناصر تفخر بوطنيتهم عزّة لبنان وكيانه... يوم الحساب أتٍ لا محالة، والشعب على الدرب ثائر ومن ثار على الفساد... وَصل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة