المحلية

فادي عيد

فادي عيد

ليبانون ديبايت
السبت 01 حزيران 2019 - 13:07 ليبانون ديبايت
فادي عيد

فادي عيد

ليبانون ديبايت

عقبات كثيرة على درب رئاسة باسيل

عقبات كثيرة على درب رئاسة باسيل

"ليبانون ديبايت"- فادي عيد

لا يترك وزير الخارجية جبران باسيل فرصة سانحة إلا وينتهزها حتى أقصى حدود محاولاً بكل ما أوتيَ من سلطة وصلاحيات وأدوات أن يظهر في موقع الممسِك بزمام الأمور تارةً، والمُبادر في طرح القضايا والحلول طوراً.

لا شكّ أن حركة باسيل تُعدّ من الأكثر نشاطاً بين مختلف السياسيين على الساحة اللبنانية، هذه الحركة التي تجتذب أنظار حلفائه وخصومه في آنٍ، كما وعلى المقلب التشريحي لآثار ونتائج هذا الحراك الذي يصفه البعض بـ"المكوكي"، يلحظ المتابع كمًّا هائلاً من الإنتقادات والإعتراضات التي تحوم حوله، حيث يعتبر مناصرو باسيل أنها نتيجة طبيعيّة للخصومة السياسية ولا ارتباط لها بالإنتقاد الموضوعي، ويُعيدون ذلك إلى تصدّر وزير الخارجية معركة السباق الرئاسي القادمة، كونه أحد أبرز المرشّحين وأكثرهم استحقاقاً وجدارة لتولّي هذا المنصب خلفاً للرئيس ميشال عون، وفق قولهم.

من هذا المنطلق، وفي تفنيدٍ لصوابيّة مقاربة "التيار" لمقوّمات باسيل في قيادة البلاد، يتبيّن أن كلّ الخصومات التي تحكم العلاقة بينه وبقيّة الأفرقاء من حلفاء وخصوم، وتُثير نوعاً من البلبلة حول شخصيّته وجزءاً من التشويش على "درب رئاسته"، تعود أسبابها بشكل مباشر لباسيل نفسه، كونه استخدم خلال المناوشات السياسية مع الآخرين أسلحة غير تقليدية لم تخلُ من التحريض الطائفي والألفاظ النابية، كما العودة للغة الماضي الأليم. وربّما تُعدُّ أشهر مواقفه الحادّة تلك التي أطلقها في إحدى لقاءاته المناطقيّة حيثُ تناول الرئيس نبيه بري بألفاظ نابية وتحريضيّة، ممّا أثار موجة من الغضب العارم في الشارع وكادت تؤدّي إلى ما لا يُحمد عُقباه.

ومن التصادم السياسي الذي يضع باسيل في موقع العزلة الوطنيّة خلافاته المتكرّرة مع الرئيس الحريري رغم التسوية التي أنتجت العهد الحالي، واعتماده سياسة "النكاية" في مقاربة الملفات القضائية والأمنية وحتّى الوطنيّة، كما أنَّ خلافاته المتراكمة مع النائب وليد جنبلاط تضعه في مواجهة شريحة أساسية وكيانيّة من اللبنانيين.

أما بعد، فإنَّ التّباعد الكلّي الذي يطبع علاقة الوزير باسيل مع الأغلبية العُظمى من المسيحيين والتي تفوق نسبتها الثُلُثين، إضافة إلى الجفاء الذي يُلاحق مسيرة "التيار" مع الكنيسة وبكركي بالتحديد، يُسقط عنه غطاءً مسيحياً وقراراً أساسياً مطلوباً في تقرير مصير الإستحقاق الرئاسي.

وهنا يستحضر الممتعضين من سياسة وزير الخارجية في الداخل، أسلوبه الإستغلالي في التعاطي معهم، فهو يقترب منهم ويعقد الإتّفاقات حيناً، وينقلب عليها وعليهم حيناً آخر، هذه الصفة التي أحدثت هوّة كبيرة بينه وبين الكثيرين، وأسقطت عنه صفات المصداقية والثبات تترجمت في إنقلابه على اتفاق معراب، بعد أن استحصل على الشقّ الذي يبتغيه في وصول الرئيس عون وتنصّله من كلّ البنود الأخرى، كما عمد إلى التخلّي عن مهاجمته "الحريرية السياسية" عشيّة الإستحقاق الإنتخابي، بحيث غدا الإبراء مُمكناً والنائب بهية الحريري تحوّلت من "حامية إرهابيين" إلى "أم الكلّ"، ليعود، وبعد الإستفادة من قدرة الحريري التجييرية في بعض المناطق، وتحديداً في الشمال حيث دائرته الإنتخابية، إلى الإنقلاب على "المستقبل" في الحكومة والإنتخابات النقابية كما فتح جبهة قضائية - أمنية بوجهه.

الخلافات السياسية الكثيرة والمتشعّبة التي تطبع مسيرة باسيل، لم تقتصر على شخصيات أو أحزاب، بل تعدّتها لطوائف برمّتها، بحيث يخرج من فترة لأخرى بتصريحات صادمة تلعب على وتر الحرب الأهليّة، يلجأ إليها في استحقاقات معيّنة كالإنتخابات النيابية الأخيرة لمحاولة إجتذاب الصوت المسيحي، أو في معرض النقاشات حول قضايا خلافية آنيّة.

ومن أكثر الأمثلة سطوعاً، هجومه على الطائفة الدرزية وتذكيره بالإقتتال الدموي، أكانَ عشيّة الانتخابات البرلمانيّة أو لدى حديثه عن ملف المهجرين على سبيل المثال، كما انتقاداته اللاذعة للطائفة السنّية ،واتّهامه إيّاها بسرقة حقوق وصلاحيات الموارنة، وإصراره على إستعادتها منهم، ممّا أظهر نَفَساً عدائياً تجاه شريحتين واسعتين من اللبنانيين.

وينأى "حزب الله"، أحد أكبر الداعمين لعهد الرئيس ميشال عون، بنفسه عن دعم المرشّح المفترض "جبران باسيل" وذلك لإعتماده لغة متناقضة في مقاربة القضايا الوطنيّة والإقليميّة، ممّا يُثير نوعاً من الحذر لدى الحزب في تسليم "الأمانة الرئاسية" لشخصه، وهنا يحضر موقفه الأبرز من القضية الفلسطينية بحيث صرّح في مقابلة متلفزة في العام ٢٠١٧: "الخلاف مع إسرائيل ليس إيديولوجياً ونحن مع حقّها بالوجود وبالعيش بأمان كما أن تعترف كلّ الشعوب ببعضها، فنحن نريد الآخر رغم إختلافنا معه".

يُضاف هذا التصريح إلى سلسلة من الإجتماعات مع الإدارة الأميركية والمواقف المُثيرة للجدل التي أطلقها باسيل عقبها، مقابل اعتماده لغة متناقضة تماماً في مواقف أخرى، وعدم تردّده في اختيار أحد قيادات "التيار" السابقين الذي أُدين في القضاء اللبناني بالعمالة مع إسرائيل، شريكاً له في إحدى جولاته المناطقية.

وأمام كلّ ذلك، تبدو مسيرة الوزير جبران باسيل نحو كرسي الرئاسة شائكة جداً وأشبه بالمستحيلة، فهل سيستلحق نفسه ويعمل على تذخير كل طاقاته في تغيير الصورة السلبية التي طبعت مسيرته علَّ بعض ظروفه الرئاسية تعود إلى الحياة؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة