"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
وصلت عملية تشكيل الحكومة إلى مكان يُمكن وصفه بمكانك راوح، فلا المساعي الداخلية أوصلت المعنيين إلى نقطة تفاهم أو التقاء، ولا المؤشرات الخارجية أوحت للداخل بضرورة إنهاء الملف. من هنا فإن كُل ما يُطرح بين جدران بعبدا وعين التينة و"بيت الوسط" وحارة حريك، ليس سوى تفصيل صغير أمام التحوّلات الخارجية وخصوصاً الاشتباك المتشعّب على المحور الأميركي ـ الإيراني.
اليوم وبعد مرور ما يُقارب الشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، يبدو واضحاً أن التعقيدات العالقة بين مطالب الداخل وتريّث الخارج، ما زالت تتحكّم بالتأليف وتضبط إيقاعها على الجميع من دون استثناء، والأبرز أن الكلام عن ضغوطات مورست على الحريري للقبول بالدخول بتسوية سياسية تُعيده الى داخل اللعبة وإدارتها مع البقيّة، سقطت هي الأخرى بعد الفراغ الدبلوماسي الذي خلفته السفارتين السعودية والإماراتية بغياب سفيريهما، أوّلاً احتجاجاً على ما آل اليه التأليف، وثانياً بعد هيمنة "حزب الله" الواضحة على القرار السياسي في البلد.
وسط هذه الأجواء المشحونة يتبيّن أن الصراع الأميركي ـ الإيراني على الحلبة اللبنانية، تدفع اللبنانيين بكل تلاوينهم الطائفية والحزبية، للجزم بأن غدهم لن يكون أفضل من الأيام التي مرّت، وأن ما عانوا منه طيلة الأزمن الفائتة، قابل للتكرار على أكثر من صعيد وأخرها تفجير المرفأ حيث الهاجس الدائم يسكنهم خشية تكراره في مكان أخر. والمشكلة أن صراع هاتين الدولتين لا يُضعفهما كما لا يضعف حلفاءهما اللبنانيين، بل هو أضعف الدولة إلى حد أرتد سلباً على المواطن بحيث لم يُترك له الخيار في تقرير مصيره حتّى وجد نفسه مُجدداً تحت تأثير حزبه وطائفته.
منذ أشهر قليلة، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تقريراً حول وضع لبنان ومدى تأثير الصراع الأميركي ـ الايراني عليه، فاعتبرت أن زيادة الضغوطات الأميركية عليه "أتاحت فرصا أكبر لإيران لممارسة سلطتها والتأثير على دولة في طور التفكك، الأمر الذي لن يتم بالضرورة عن طريق الحكومة الإيرانية، بل من خلال حزب الله الذي تعهد "ألا يترك شيعة لبنان يموتون جوعا".
اليوم وبعد مضي هذه الفترة القليلة، وبعد الكشف عن "مخازن النور" وبطاقات المساعدات الغذائية والاستشفائية وتطوير عمل مؤسسة "قرض الحسن، يتبيّن أن كل ما يحصل هو نتيجة عمل مُمنهج، يصبّ لصالح جهة مُحددة في وقت تُغرق فيه هذه الجهة البلد ومن فيه بأفعالها والمصائب والويلات التي جلبتها.
أكثر من مرّة خرج "حزب الله" بكلام نفى فيه كل ما يُحكى عن محاولات سيطرته على لبنان، أو أقله على الحكومة وفرض هيمنته على كيفية إدارة عمليات التأليف فيها، سواء مع بداية تأليف حكومة الرئيس حسّان دياب، أو خلال مهمة الحريري الحالية. لكن في المقابل ترى جهات سياسية لبنانية بارزة أن الوقائع تُثبت عكس هذه الإدعاءات، فالحزب الذي يتحكّم بغرفة عمليات قوامها مجموعة من حلفائه، يعود له الأمر الأوّل والأخير في القرارات التي تصدر خصوصاً وأنه المسؤول الأوحد عن تمويل هؤلاء، أو تفويضهم بنهب البلد وإفساح المجال أمامهم لارتكاب كل هذه "الجرائم" المالية والاقتصادية.
وترى المصادر أن قرار فرملة التأليف إيراني أكثر مما هو اميركي، كونه يُعوّل على التركيبة التي ستكون عليها الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن والسلوك الذي ستتخذه في المفاوضات الثنائية.
وعلى خط الإنتظار هذا الذي قد يطول إلى فترة زمنية تتجاوز الثلاثة أشهر بحسب المصادر، فهي ترى أنه خلال هذه الفترة سيُحاول "الحزب" وحلفائه في "غرفة العمليّات"، نسف اتفاق الطائف واستبداله بـ"عقد سياسي جديد" يقوم على عناوين وشعارات جذّابة، لكن مضمونه سيحتوي مُخطّط يهدف إلى تدمير الاقتصاد اللبناني تمهيدا لتغيير هوية لبنان ووجهه الإقتصادي الحر لأسباب نعلمها جميعاً لها علاقة بالمشروع الإيراني في المنطقة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News