"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
من الواضح أن الظروف الداخلية في لبنان والمناخات الخارجية المؤثرة فيها، وتحديداً في ما يتعلّق بالمسار الذي ستسلكه العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران في ظل عهد الرئيس الجديد جو بايدن، لا تبدو مُشجّعة حتى الآن، من أجل تأليف حكومة تُنقذ البلد من حفلات الجنون السياسية، ومن الفلتان الأمني والإجتماعي الحاصل، وارتفاع نسبة الجرائم نتيجة الأوضاع الإقتصادية الصعبة.
ويشير واقع الحال، إلى أنه ما من حكومة في الأفق، وما من دلائل حتى على إجراء انتخابات نيابية مُبكرة، لإخراج لبنان مما هو غارق فيه، بعدما تحوّلت المشكلة منذ سنوات طويلة من صراع طائفي وحزبي، إلى أزمة وجود لها علاقة بطبيعة الكيان ككل، وبنظرة كل فئة إلى الآخر، انطلاقاً من منظارها الخاص. وعلى سبيل المثال، فإن كل طائفة اليوم، تسعى إلى تحقيق مكاسب خاصة داخل مؤسّسات الدولة، وذلك، ليس من أجل تصحيح الإعوجاج الحاصل كما يُشاع، إنما من أجل تمكين وتثبيت نفسها في الحكم، حتى لا يترك قطار "التَشحيل" السياسي أثره عليها، كما حصل مع بعض الطوائف.
وبعيداً عن الإيجابيات الكثيرة التي كان لاتفاق "الطائف" الدور الكبير والأهم في تكريسها وتثبيتها، وأبرزها إنهاء الحرب في لبنان، وبعيداً عن "المؤتمر التأسيسي" الذي كان دعا إليه "حزب الله" في العام 2012، ودعوة حركة "أمل" إلى بناء "دولة المواطَنة"، وعن صراع الجهات السياسية العلني والديني الخفيّ، وبعيداً أيضاً وأيضاً عن دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اللبنانيين إلى "عقد سياسي" جديد في لبنان، من البديهي أن البلد بحاجة فعلاً إلى أي صيغة جديدة، وبغض النظر عن التسمية، شرط أن يجتمع حولها كل الأفرقاء من أجل الخروج برؤية واحدة ولمرّة أخيرة، تسمح بإخراج البلد من مأزقه والبدء بعملية ورشة إصلاح جماعية، ولكن شرط أن تقتنع بها النفوس قبل إدراجها في النصوص.
والمشكلة الثابتة في الطروحات جميعها، هي في السؤال حول طبيعة هذا العَقد الذي من شأنه أن يُلغي هواجس المسيحيين المُطالِبين بـ"الدولة المدنية"، ويُعيد ثقة المسلمين الداعين إلى المشاركة في الحكم، ويجعل الدروز مقتنعين بأن دورهم فاعل في الحياة السياسية وفي إدارة شؤون البلد، ولو أنهم أقلية؟
ومن ضمن هذا السياق، تكشف مصادر سياسية بارزة لـ"ليبانون ديبايت"، أن مرجعاً سياسيّاً رفيع، كان بعث برسالة إلى رئيس دولة أوروبية منذ شهر تقريباً، شرح فيها مشكلة لبنان، والتي تتخطّى برأيه موضوع تأليف الحكومة أو السعي إلى انتخابات نيابية مُبكرة، موضحاً برسالته تلك، أن لبنان يُعاني من أزمتين: أزمة حكم وأزمة دستور وقوانين، بالإضافة إلى أزمة ثالثة إسمها "إتفاق الطائف".
وبحسب المصادر، فقد تضمّنت الرسالة سُبل معالجة الأزمة في لبنان من خلال موافقة الأفرقاء السياسيين اللبنانيين على الذهاب إلى "عقد سياسي" جديد بديل عن "الطائف"، يحكم العلاقة بين الجميع، ويضمن حقوق الطوائف في الحياة السياسية، أما خلاف ذلك، فهو يعني أن أزمة التأليف سوف تتكرّر مع إنتهاء ولاية أي حكومة.
ووفق معلومات المصادر، فإن المرجع السياسي البارز، قد تمنّى على رئيس الدولة الأوروبية، الأخذ بوضع طائفته الحسّاس، خصوصاً بعدما تحوّلت إلى لاعب أساسي في التركيبة السياسيّة اللبنانية، ومن منطلق أن حقوقها لا تقلّ عن حقوق بقية الطوائف، ولذلك، فإن الإصرار على التمسّك بإحدى الحقائب في الحكومة الجديدة، لم يكن عناداً سياسياً، إنما كان هدفه المشاركة في الحكم.
في المقابل، يرى النائب السابق فارس سعيد، أن "ما يحتاجه لبنان لكي يخرج من الورطة السياسية والإقتصادية التي يغرق فيها، لا يتعلّق بعقد سياسي جديد، ولا بطرح بديل عن اتفاق الطائف، بل برفع الوصاية الإيرانية عن لبنان من خلال الدستور وتمثيل وثيقة الإتفاق الوطني والقرارات الشرعية الدولية".
وإذ يعترف سعيد، بأن "ثمّة أمور كثيرة بحاجة إلى تنظيم"، إلّا أن هذا التنظيم برأيه، "لا يجب أن يكون على حساب الدستور، خصوصاً وأن لدينا مرجعية إسمها وثيقة الوفاق الوطني، ولكن، طالما أن البلد تحت الإحتلال الإيراني ووصاية سلاح حزب الله، فلن تكون استقامة لبناء الدولة. ولذلك على الجميع أن يعلم، بأن الأزمة ليست أزمة دستور ولا أزمة نظام، إنما هي أزمة إدارة نظام ودستور."
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News