"ليبانون ديبايت" - د. وليد فارس من واشنطن
عبر "السوشيال ميديا" وبعض الاعلام، بات واضحاً أن هنالك العشرات من الجمعيات والجبهات الصغيرة، ومئات الكوادر، وعدداً لا بأس به من القيادات، من جيلي "ثورة الارز" و "ثورة أوكتوبر" ومن أجيال سابقة، قد اكتسبوا وعياً وخبرة في إطار العمل السيادي.
ما يفتقده هذا التيار الواسع، وهو عابر للطوائف: القدرة المالية، والقيادة المشتركة، والحد الأدنى من العلاقات الدولية. فالطاقة البشرية، وهي العامل الأهم، موجودة وبكثافة لمواجهة أصعب ظروف تّمر بها بلاد الارز. وهذا يعني ان الأمل في التحرّر موجود بدون أي شك، إلاّ ان القوى السيادية الجديدة، تحتاج الى قدرات مالية وتمثيل دولي، وذلك صعب المنال من دون قيادة مشتركة، ولا نقول بالضرورة موحّدة. إذ أنه يصعب قيام قيادة مشتركة، من دون تقديم تنازلات جزئية من القياديين لبعضهم البعض، وهذه ليست مشكلة لبنانية فقط، بل شرق أوسطية وعالمية في حركات التحرر، إلاّ أنها في الثقافة السياسية اللبنانية، وصلت الى حدود الكارثة، وهي أمر نبّه منه جبران خليل جبران منذ قرن.
المهمّ أن الأطراف الدولية، والغربية خاصة، تتحاور مع أطراف وطنية متّفقة على حد أدنى من التنسيق، وهذا ينطبق على الطرف السيادي منذ 2019. ففي ذلك الخريف، وحتى هذا الشتاء، ساهم التشرذم التمثيلي للسياديين اللبنانيين، في إضاعة الوقت مع إدارتي الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن. طبعاَ إن التعدّد هو إغناء، ولكن الفوضى إخفاق للفريق السيادي. إذ أن العلاقة بين قوى المجتمع المدني مهما صَغُر حجمه والديموقراطيات الليبرالية، لا يُختزل بشخص واحد "لديه اتصالات"، أو مجموعة واحدة "تحتكر العلاقة" مع أميركا أو فرنسا أو غيرها. فهذه الحكومات تعرف الأحجام والتفاصيل، وما يؤثّر فيها هو وحدة القوى السياسية وخطابها السياسي، ولو كان حجمها محدوداً.
تريد كلّ من واشنطن وباريس، التأكد بأن هناك مجتمع في لبنان يتحرّك، وأن سقوط قيادات، أو انحرافها عن الاجندة، أو تصادمها الحربي، لن يُسقط التحرّك، كما حصل مع اغتيال بشير الجميل في 1982 أو خلال كارثة 1990.
فكثرة القيادات والوجوه أمر جيّد، ويضفي قوّة إلى التعبئة الداخلية والصورة الخارجية. ولكن تبعثر الأجندات، والخطابات، والأولويات، لا يخدم التدويل، بل يُحبط أصدقاء لبنان في العالم.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News