المحلية

الأربعاء 25 آب 2021 - 06:27

التأليف… الحسم يقترب

التأليف… الحسم يقترب

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

كم من الوقت والزمن يجدر أن يبقى لبنان بلا حكومة؟

بالأمس، وعلى عكس ما راج وشاع قبل ساعات، لم تطأ قدما رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي قصر بعبدا. كلّ الإيجابيات التي جرى ضخّها معمدةً بالزيارة قد سقطت، فما هو الداعي لتعميم خيبات الأمل؟ لكن وعلى الرغم من قساوة المشهد، فإن ذلك لا يعني إطلاقاً أن الزيارة ليست موضوعة على جدول أعمال ميقاتي إنما ينتظر إنضاج ظروفها المناسبة لتوفير أسباب نجاحها، وقد تجدد ربط حصولها بمهلة 48 ساعة كأقصى حد، على نية استشراف حال التكليف والتأليف من عدمه. الثابت حتى الساعة أن "الإعتذار" ليس مطروحاً على أجندة الرئيس ميقاتي، إنصياعاً لتعهد سابق كان قد قطعه للفرنسيين، ولعلمه أن التكليف الحالي هو الثالث والأخير ولا مجال للمناورة بمصير اللبنانيين.

رغم محاولات إخفاء معالم التباين بين الرئيسين، تبقى مسارب موجودة لمعاينة ما الذي يجري من خلف الكواليس. ثمة اختلاف في النظرة إلى قواعد التأليف والتسمية طاغية بين الرئيسين وتنسحب على الموجودات الحكومية، وهذا معزول عن "الكيمياء" التي لوحظَ وجودها بين الرئيسين. الإختلاف العميق يظهر من خلال نوعية "المسودات" التي تُرفع والتنصّل من الإتفاقيات التي تُبرم، كحال ما وصل إليه أمر التأليف قبل أيام وأفرغ عن ظنون بوجود "رجل ظل" يتربّص بأي إتفاق مفترض، وخشية متبادلة في انقضاض كلّ على الآخر حين حلول لحظة التصويت مثلاً.

ما حُكي عن جهوزية الرئيس ميقاتي، لرفع تشكيلة "مكتملة العناصر" إلى رئيس الجمهورية بالأمس، كان أشبه بحقن "إبرة مهدئة" في جسد السوق ليس إلاّ. أمرٌ أسهم إلى حدٍ ما باستقرار سعر صرف الدولار لكنه لم يُسهم إطلاقاً في تهدئة "روع" المكلّف من "حفلة الجنون" الأميركية التي تتسلّل إلى مكان إقامته كإشارات غير سليمة توحي بنوايا "الفركشة".

إذا كان الرئيس المكلّف يخشى من كلام ديفيد شينكر الذي طالبه في مقابلته مع موقع "أساس" قبل أيام "باتخاذ موقف واضح حيال استقبال النفط الإيراني" فهذه مشكلة. يجدر بميقاتي أن يكون في صورة أن شينكر ليس ذا صفة رسمية في التقرير داخل المؤسسة الأميركية، إنما يُعدّ مجرّد ناطق أو باحث في مركز استشاري لا أكثر، معنى ذلك أن كلامه لا يترتّب عليه شيء بالمعنى السياسي.

يُقال أن خشية ميقاتي لا تتموضع في كلام شينكر (أو غيره) إنما في المفردات التي يُطلقها. صحيح أن الرجل لم يعد مسؤولاً في وزارة الخارجية، لكنه لا ينطق من هواه إنما بوحيِ قد يكون يلتقطه من "لوبي" أميركي موجود داخل سلطة القرار كآخرين غيره، ويحبّذ عدم إعطاء فرصة للجانب اللبناني لكي يتنفس في حال كان "حزب الله" شريكاً بهذه الرئة، ما يعود بنا إلى تصرفات السفيرة الأميركية دوروثي شيا أخيراً وسؤالاتها المتكرّرة حول حدود تمثيل الحزب داخل الحكومة العتيدة ودوره في إنضاجها.

قد يكون الجانب السياسي الرسمي في الإدارة الأميركية يُريد حكومةً في لبنان عملاً بمبدأ "التصفير" في الشرق الأوسط الذي تنتهجه الإدارة "البايدانية"، وقد يصبح هذا الإعتقاد منطقياً مع اقتراب السفن الإيرانية من شواطئ المتوسّط و "جهوزية" الأميركيين المحتملة لتسديد كلفة المواجهة النفطية "إقتصادياً" في لبنان في ظل استدراج عروض تقدمه السفيرة المندفعة صوب مقارعة الإيرانيين وحلفائهم بسلاح "الطاقة". من هنا وفي اعتقاد البعض، قد يترفّع الأميركي عن الإعتراض الكامل على إنشاء حكومة والتفرّغ إلى المواجهة المقبلة ومسرحها بيروت، مقابل إتاحة الفرصة لإنتاج هذه الحكومة لكن ضمن شروط معينة كـ"حصر" تمثيل "حزب الله" فيها، وقد يكون "سيل" الضغوطات التي تمارسها عوكر، يأتي في سبيل "ترشيد" حضور الحزب إنما ليس إلغائه كلياً، لإدراكها ومرجعيتها في واشنطن إستحالة تطبيق ذلك.

يبقى أن المشهد الداخلي أقرب إلى المتلقي – المنتظر الباحث عن إطار لتخريج الصورة. صحيحٌ أن النزاع حول الحقائب يتعاظم، ومن الملاحظ أن الحصة الشيعية تستقيل منه مقابل "انغماس" مسيحي كلّي وتسلّل للمستشارين و "لوثة الحزبيين الأقحاح" من بين سطور الأسماء، لكن الصحيح أيضاً أن الشهيات الداخلية المفتوحة على الحقائب الخدماتية هي أصل العلّة في الجوهر، وقد تتوفر فيها أسباب الإستظلال لتمرير لحظات سياسية أو هبّات وعواصف سياسية، وهو التقدير الأدق الذي تُبنى عليه الوضعية الراهنة.

تحبّذ مصادر مواكبة لمسار التأليف التقليل من أهمية "السفينة" الإيرانية نسبةً إلى تشكيلها "موضع ضغط" على الرئيس المكلّف، وتردّ اعتقادها إلى عام 2011 فترة تولّي ميقاتي تأليف حكومة وسميت يومها بـ"حكومة حزب الله". حينذاك كانت الضغوطات أشدّ وأوضح، مع ذلك، انحنى ميقاتي للعاصفة وسار معها وألّف حكومته، وحال اليوم ليست بذات القصوى عن حال الأمس.

بهذا المعنى، قد يكون الرئيس المكلّف ينتظر وصول السفينة المحمّلة بالنفط الإيراني إلى مشارف بيروت، واستشراف تداعيات رفع الدعم كلياً عن المحروقات ومسألة إقرار البطاقة التمويلية وأموراً أخرى لها صلة بعودة تزويد الطاقة في ظل الحديث عن "فيول" مُقبل. كل ذلك قد يكون متروكاً إلى حكومة تصريف الأعمال لامتصاصه دون التقرير به، لخلو جعبة حسان الدياب من النية، وبعدها يصبح ميقاتي متحرراً من كل الأثقال التي قد تعيق تقدّمه أو لها أن تدخله في بازار يُتوقع أن يستنزف الحكومة.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة