المحلية

الأربعاء 19 تموز 2023 - 01:50

مصادر تنعي المبادرة الفرنسية بصيغتها القديمة... نحو المواجهة!

مصادر تنعي المبادرة الفرنسية بصيغتها القديمة... نحو المواجهة!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

ما لم يجرِ حراك فرنسي داخلي في غضون الساعات المقبلة لتفسير المواقف الناتجة عن اجتماع اللجنة الخماسية (قطر السعودية الولايات المتحدة مصر وفرنسا) في الدوحة الإثنين الماضي، يكون التقدير بالنسبة إلى القوى الداخلية المؤثرة في الاستحقاق الرئاسي أن باريس تراجعت عن مضمون مبادرتها التي انطلقت فيها في أعقاب الشغور الرئاسي، وأجرت هندسةً عليها أسفرت عن إنتاج نسخة جديدة – منقّحة منها خلال اجتماع الدوحة الأخير بالتعاون مع الشركاء الآخرين. وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، تصبح تلك القوى الداخلية المؤثرة في حلٍ من أي التزام سياسي وأخلاقي تجاه باريس، وسيكون لهذا الموقف دلالات مهمة وتبعات لا تقل شأناً، وسيأخذ بعض القوى المؤثّرة صوب التشدّد أكثر في خياراتها، مما يعني نعي إنجاز الإستحقاق الرئاسي في غضون شهرين إلى ثلاثة، كما كانت تطمح باريس.

بموازاة ذلك، علم "ليبانون ديبايت" من مصادر مطلعة، أن عدداً من السفراء الأجانب تحرّكوا في بيروت بعيداً عن الإعلام، في أعقاب البيان الذي صدرَ عن الإجتماع الخماسي، وتضمن تهديدات واضحة بـ"اتخاذ إجراءات ضدّ أولئك الذين يعرقلون إحراز تقدم في موضوع انتخاب رئيس جديد للبلاد"، وهو موقف فُسّر على أنه تلويح باتخاذ عقوبات في حق قوى محدّدة، يتّهمها بعض الممثلين داخل "اللقاء الخماسي" أنها تُعرقل الإستحقاق، والوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية، مع العلم أن تلك القوى الداخلية المقصودة ضمناً في البيان، تتشارك مع باريس الأمر نفسه لناحية المباحثات من أجل إنتاج رئيس، ومارست دعماً كاملاً لطرح باريس الرئاسي. وفي المعلومات، أن تحرّك السفراء جاء للحؤول دون إطفاء مزيدٍ من التشنّج على الأجواء السلبية أصلاً، ولتهدئة الإيقاع قليلاً، مع الحرص على ألا تقود الأجواء إلى مزيد من التشدّد إزاء الملف الرئاسي.

بحسب ما جاء في المعلومات التي وردت إلى بيروت، فإن فكرة التهديد باتخاذ إجراءات كانت من بنات أفكار الوفد السعودي، الذي طلب بتوظيف ما أسماها "سبل الضغط" من أجل المسارعة في إنتاج رئيس في لبنان. وفهم لدى بعض المتابعين، أن الوفد السعودي ابتغى من وراء طرحه، شراء آليات تدفع في سبيل تعزيز الشروط، وفي إعتقاده أنها قد تنعكس بشكلٍ إيجابي على المسار، لا وضعها على سكة التنفيذ مباشرةً. ويبدو أن المندوب الأميركي إستأنس بهذا الطرح، فأعجبَ به وعبّر عن دعمه له خلال المناقشات. غير أن ذلك وعلى أهميته لم يؤدِ إلى اتخاذ قرار، لينحصر الموضوع في إطار النقاش العام فيما ترك كخيار محتمل ومطروح خلال الإجتماعات المقبلة.

عملياً، تفصح مصادر واسعة الإطلاع، أن التغيّرات الفرنسية جرت ملاحظتها بداية خلال الزيارة الإستطلاعية الأولى للمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت قبل فترة. وخلال كافة لقاءاته التي أجراها مع شخصيات وكتل نيابية متنوعة، كان يتحدث عن التوازن السلبي بين المرشحين الذي أفرزته جلسة 14 حزيران الماضي. وقد فهم أنه يعمل على توطئة مفادها استبدال التوازن السلبي بآخر أكثر دينامية وإيجابية. وفُسر هذا الموقف في سبيل إقدام فرنسا على طرح مرشح "خيار ثالث".

و"حزب الله" لم يكن بعيداً عن هذا الموقف، إنما سمع وفده من لودريان شخصياً التقدير والإنطباع نفسه. فيما بعد ومع مغادرة لودريان، أجرى "الثنائي الشيعي" تدقيقاً في الأجواء التي حملها المبعوث الفرنسي، وجاءت النتيجة أن حديثه عن التوازن بهذا الإنطباع السلبي جاء عاماً ولم يكونوا الوحيدين الذين سمعوه، وهو مؤشر يدفع من خلاله لتبني خيار ثالث. ما زاد الأمور وضوحاً، أن باريس سوّقت لنظرية الدعوة إلى الحوار.

في المقابل، أخذت قوى في الداخل تدفع بشكلٍ مفاجئ صوب الخيار الثالث، وصبّت قدراتها في هذا الإتجاه، وتعزّز حراكها عند حلول التسريبات حول الموعد الجديد لزيارة لودريان الثانية. من بين هؤلاء "التيار الوطني الحر"، الذي تعامل مع هذه الوقائع من خلال تجميد دعمه مرحلياً للمرشح جهاد أزعور، ومعاودة الإعلان أنه يبحث بخيار ثالث. وفهم أن مسارعته نحو إجراء حوار مع "حزب الله" يأتي قطعاً للطريق على أي مرشح "خيار ثالث" لا يستهوي "التيار"، لا سيما بعدما تواتر إليه أن القطريين سبق أن بحثوا مع الفرنسيين في أن يتم إسقاط هذا الوصف على قائد الجيش العماد جوزف عون. وقيل إن هذه الاجواء تواترت إلى باسيل خلال وجوده في الدوحة.

فأسرع التيار نحو الذهاب باتجاه "حزب الله" مسقطاً شروطه السابقة، في محاولة منه لطرح معادلة على الحزب قوامها الإشتراك في تسمية الخيار الثالث، أي عملياً محاولته استقطاب الحزب كي يكون في مواجهة الخيار الفرنسي الجديد، بعد علمه أن الأمور لم تعد جيدة بين الطرفين، وهو كمعظم القوى الأخرى، بات في صورة أن الحزب استنتجَ من جولة لودريان بدء تخلّي عن مقايضة سليمان فرنجية – نواف سلام، مع الإبقاء على القاعدة ذاتها، لكن مع تغيير في الأسماء.

أجواء من هذا القبيل لا بد أن تنعكس على الأوضاع في لبنان، لجهة تغيّر خريطة القوى السياسية وتموضعاتها، فيما أنه سيحوِّل اللقاء الخماسي، بنظر كثيرين، من "لقاء" يسعى إلى المساعدة في إنتاج حل في لبنان، إلى لقاء يريد فرض حل. وبين المساعدة والفرض مساحة لا بد أن يتغيّر فيها توصيف اللجنة ليصبح "لجنة لإدارة الوضع اللبناني من خلال الوصاية عليه"، أي أننا أمام نموذج واضح لوصاية دولية.

الآن، كل التعويل على زيارة لودريان المحتملة. وفهم من المتواصلين رئاسياً أن الزيارة لا تأكيدات حولها بعد، طالما أن السفارة الفرنسية لم توضح موعد الزيارة، أو تطلب مواعيد لها، إنما نقل عن مقرّبين منها "موعداً مقترحاً غير محدّد". والتعويل أيضاً هو لفهم ما لدى لودريان، على اعتبار أن الزيارة لا بد أن تحمل إيضاح حول مدى التغيرات الفرنسية وطبيعتها من خلفية ما جرى الإتفاق عليه خلال اللقاء.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة