أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات من وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين نفذت "إعدامات ميدانية" بحق 12 مدنياً درزياً، داخل مضافة آل رضوان في مدينة السويداء، وذلك بعد دخول هذه القوات إلى المدينة صباح الثلاثاء في إطار الحملة الأمنية التي أعقبت الاشتباكات الأخيرة مع مجموعات محلية.
وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي جثثاً مضرجّة بالدماء لرجال يرتدون ملابس مدنية، بعضهم مطروح أرضاً وآخرون على الأرائك داخل المضافة، وسط أثاث مدمّر وصور لمشايخ دروز مرمية على الأرض في مشهد صادم أثار موجة استنكار شعبي واسع.
ووثقت التسجيلات المتداولة كذلك مشاهد إذلال، بينها إجبار عدد من الرجال على قص شواربهم عنوة، وهو ما يُعدّ انتهاكاً لكرامة الأهالي وموروثهم الاجتماعي، وأدى إلى تصعيد التوتر والغضب داخل المدينة.
وفي موازاة هذه التطورات، رصدت تسجيلات مصوّرة حالة نزوح جماعي لعائلات درزية من السويداء، حيث ظهرت طوابير طويلة من السيارات المحمّلة بالأمتعة والأطفال تتجه نحو البلدات الريفية، في محاولة للابتعاد عن مناطق التوتر. وأفادت مصادر ميدانية أن بعض العائلات غادرت منازلها دون وجهة واضحة، متجهة نحو الريف الشرقي والغربي للمحافظة.
وتأتي هذه التطورات الدامية بعد مقتل 116 شخصاً خلال 48 ساعة من القتال العنيف الذي اندلع على خلفية حادثة اعتداء على شاب من أبناء السويداء قرب حاجز بلدة المسمية، من قبل مجموعة مسلحة يُعتقد أنها تنتمي لعشائر المنطقة، ما فجّر سلسلة من عمليات الخطف المتبادل والاشتباكات المسلحة بين الطرفين.
وبعد الضغوط الميدانية وتصاعد الغضب الشعبي، أعلن وزير الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية، مرهف أبو قصرة، عن اتفاق لوقف إطلاق النار، تبعته عملية انسحاب للآليات الثقيلة والدبابات من داخل المدينة، وتولّت قوى الأمن الداخلي مسؤولية الانتشار في الشوارع الرئيسية، في محاولة واضحة لاحتواء التوتر وإعادة ترتيب الوضع الأمني.
لكن بالرغم من إعلان التهدئة، فقد وجّهت منظمات حقوقية وفعاليات درزية انتقادات شديدة لاستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين، واستهداف مناطق مأهولة بالسكان، وارتكاب انتهاكات جسيمة داخل الأماكن الدينية والاجتماعية التي تحظى بحرمة خاصة لدى أبناء الجبل.
وتُعدّ هذه الحادثة الأخطر منذ دخول القوات النظامية إلى المدينة لأول مرة منذ أكثر من عقد، في ظل حكومة الرئيس الجديد أحمد الشرع، وما تبعها من انقسام داخل الشارع الدرزي حول موقف مشيخة العقل، واستقالة عدد من الوجهاء من لجان المصالحة، في مؤشر على اتّساع الهوّة بين السلطة والبيئة المحلية.