كثّفت "أرض الصومال" من تحرّكاتها الدولية في مسعى جديد لنيل الاعتراف بها كدولة ذات سيادة، مقدّمة عرضاً مباشراً للإدارة الأميركية يتضمّن منح قاعدة عسكرية للولايات المتحدة وصفقات استراتيجية في مجالات المعادن، مقابل دعم الاعتراف الدولي بالإقليم المنفصل.
وفي مقابلة أجريت معه يوم الإثنين، كشف رئيس "أرض الصومال" عبد الرحمن محمد عبد الله، الذي تولى الحكم عام 2024، أن حكومته أجرت سلسلة محادثات مع السفارة الأميركية في مقديشو ووزارة الدفاع الأميركية، تهدف إلى "تأسيس شراكة جديدة في مجالات الأمن، والتجارة، والاستقرار الإقليمي"، على حد تعبيره.
وقال عبد الله إن السفير الأميركي لدى الصومال ريتشارد رايلي زار "أرض الصومال" عدة مرات خلال الأشهر الماضية، مشيراً إلى زيارة وفد من البنتاغون للإقليم في كانون الأول الفائت، في إطار بحث آليات التعاون الدفاعي والاقتصادي. وتأتي هذه المبادرة فيما تتصاعد المنافسة الأميركية – الصينية على الموارد الاستراتيجية في أفريقيا، وفي وقتٍ يسعى فيه دونالد ترامب إلى تعزيز الحضور الجيوسياسي لبلاده خلال حملته الانتخابية.
ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال تعترف بسيادة الحكومة المركزية في مقديشو على كامل الأراضي الصومالية، بما فيها "أرض الصومال"، إلا أن القيادة في الإقليم تُراهن على التغيّرات في السياسة الدولية وموقعها الجغرافي الاستراتيجي، لإقناع واشنطن بدعم تطلعاتها للانفصال.
منذ إعلان انفصالها من طرف واحد عام 1991، لم تنل "أرض الصومال" أي اعتراف رسمي من الأمم المتحدة أو أي دولة عضو. إلا أن الإقليم حافظ على استقرار سياسي نسبي في وقت غرقت فيه الصومال في عقود من الحرب الأهلية وتمرد الجماعات الإسلامية المسلحة، وعلى رأسها "القاعدة" و"داعش".
وتُعوّل القيادة في هَرغيسا على أهمية موقع الإقليم المطلّ على خليج عدن، خاصة مع تنامي التهديدات في الممرات البحرية جراء الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على السفن المرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل ودول غربية أخرى تدعم الحرب في غزة.
ويعزز من أوراق "أرض الصومال" الاستراتيجية أن دولة الإمارات، الحليف الوثيق لواشنطن، تُدير ميناء بربرة في الإقليم، وتُسيطر على مهبط جوي عسكري قريب، ما يُوفّر بُنية تحتية جاهزة لأي توسّع عسكري أميركي محتمل في المنطقة.
لكن هذا الطرح يواجه عقبات كبرى؛ إذ أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها لا تُجري محادثات "نشطة" مع "أرض الصومال" بشأن صفقة للاعتراف بها. وأكدت في بيان رسمي أن واشنطن لا تزال تعترف بسيادة الصومال ووحدة أراضيه، بما يشمل الإقليم الشمالي، وهو الموقف الذي كررته وزارة الخارجية الصومالية.
ويُذكر أن أي تغيير في موقف واشنطن قد يُهدّد التعاون الأمني الجاري مع الحكومة الفيدرالية في مقديشو، لا سيما في ما يخص الدعم الأميركي للعمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة. ومن شأن خطوة كهذه أن تفتح الباب أمام تداعيات دبلوماسية وأمنية واسعة في القرن الأفريقي.