في هذا الإطار، تؤكد عضو لجنة البيئة النيابية النائب نجاة عون صليبا، في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت"، أن "مطمر الجديدة، كان من المفترض أن يخدم ما لا يقل عن عشرين سنة، والهدف الأساسي من إنشائه كان معالجة جبل النفايات القديم الموجود في برج حمود، عبر فرزه ومعالجته بطريقة علمية تتيح تحديد كيفية التخلص من العوادم فقط، وليس من كل أنواع النفايات، مع العمل على إعادة التدوير للأنواع القابلة لذلك".
وتقول: "كان من المطلوب أيضًا تطبيق مبدأ الفرز من المصدر، لتقليل حجم النفايات التي تُنقل إلى المطامر، لكن ما حصل في الواقع مختلف تمامًا، إذ إن المتعهدين الذين تولّوا تنفيذ هذه المشاريع لم يلتزموا أبدًا بدفتر الشروط، لا من حيث الفرز ولا من حيث الإدارة المتكاملة للنفايات، الذي جرى فعليًا هو نقل جبل النفايات القديم من مكانه وطمره في أول خلية من المطمر الجديد، من دون أي عملية فرز أو معالجة، وبدل إدارة النفايات بطريقة متكاملة، تمّ جمع نفايات المتن بكاملها ورميها في الخلية ذاتها، ما أدى إلى امتلائها بالكامل وتوسّع المطمر في أقل من عشر سنوات فقط".
وتشير إلى "هذا الواقع كشف بوضوح غياب أي التزام فعلي بالإدارة المتكاملة للنفايات، وبيّن أن الهدف لم يكن معالجة الأزمة بيئيًا أو استراتيجيًا، بل إنشاء خلايا للطمر بهدف تحقيق أرباح مالية كبيرة، من دون تنفيذ الحلول الموعودة أو بناء منظومة مستدامة لإدارة النفايات".
وعن مصير ملف مطمر الجديدة في جلسة مجلس الوزراء اليوم؟ تقول صليبا: "نحن لدينا القانون رقم 80/2018، الذي ينصّ على وجوب مبدأ الهرمية في معالجة النفايات، ووضع استراتيجية وطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، وأي إجراء تتخذه وزارة البيئة يخالف هذه المبادئ يُعتبر مخالفًا للقانون، في حال لم تتبنَّ الوزارة أو تلتزم بتطبيق الاستراتيجية التي أقرتها الحكومة السابقة، فإنها بذلك تتخذ قرارات خارجة عن الإطار القانوني والاستراتيجي المعتمد، ما يُضعف الالتزام بالقانون رقم 80/2018".
وتتابع: "من هنا، نطالب الوزارة بتطبيق هذا القانون بحذافيره، إمّا عبر الالتزام بالاستراتيجية التي أقرتها الحكومة السابقة، أو عبر إقرار استراتيجية جديدة تراعي المبادئ نفسها التي نصّ عليها القانون، وفي مقدّمها احترام الهرمية في إدارة ومعالجة النفايات".
وتلفت إلى أنه "إذا طُرح اليوم موضوع إنشاء محارق للنفايات، فذلك يأتي نتيجة ضغط من بعض التجار الذين يروّجون بأن لديهم تجهيزات قادرة على معالجة النفايات أو توليد الطاقة منها، كإنتاج الكهرباء أو استخدامها في مصانع الإسمنت، لكن هذه الأفكار في معظمها أوهام غير قابلة للتطبيق الواقعي، وهدفها الحقيقي هو هدر الموارد التي يمكن أن تنتجها الإدارة السليمة للنفايات".
وترى أنه "حين يقول هؤلاء إنهم يريدون اعتماد تقنية الطاقة من النفايات (waste to energy)، فهم في الواقع يتحدثون عن حرق البلاستيك والورق والكرتون، أي المواد التي يمكننا بدلاً من إحراقها أن نحافظ عليها كمصادر إنتاج وفرص عمل من خلال إعادة التدوير، فهذه المواد تُشكّل موارد رزق أساسية لعدد كبير من العاملين في هذا القطاع".
وتشير إلى أنه "إذا قررت الحكومة اعتماد المحارق فقط لخدمة مصالح بعض التجار الذين ينتظرون هذا القرار، فذلك يعني تدمير عشرات معامل الفرز، التي تعيش من بيع المواد القابلة للتدوير كالبلاستيك والكرتون والمعادن والبطاريات، وبهذا، تكون الدولة تضرب الاقتصاد الدائري المحلي وتدعم أصحاب الشركات الكبرى القادرين على استقدام المحارق، على حساب المؤسسات المحلية التي نشأت بعد أزمة النفايات".
وتحذّر صليبا من أن "أي قرار يسمح بالمحارق لا يشكل فقط تهديدًا بيئيًا وصحيًا خطيرًا يزيد من احتمالات الأمراض السرطانية في بلد يعاني أصلاً من نسب مرتفعة، بل يشجع أيضًا الاحتكار الاقتصادي ويقضي على فرص العيش الكريم التي وفّرتها إعادة التدوير لآلاف المواطنين".