أسف وزير الدفاع ميشال منسى، في حوار مع برنامج "حوارات السراي" عبر تلفزيون لبنان، لـ"انعدام ثقة المواطنين بالمسؤولين السياسيين، لأسباب عدة أبرزها استشراء الفساد والتدخلات على مستويات عالية في الدولة"، مذكّرًا بـ"مكتب الشكاوى الذي أنشئ في عهد الرئيس إميل لحود، وكان هدفه مساعدة المواطن على تحصيل حقوقه في الإدارات الرسمية، إلا أنّ الأمور بدأت تتباطأ تباعًا استجابة لرغبات بعض القوى السياسية ومن بعض المواقع العليا في الدولة".
وأوضح أنّ "عملية مكافحة الفساد في لبنان تواجه عراقيل كثيرة، وغالبًا ما يتم تعطيلها لأسباب سياسية"، كاشفًا أنّ "المراسيم المتعلقة بتعيين وسيط الجمهورية عالقة في مجلس النواب"، معربًا عن أسفه لأنّ هذا القانون "سيبقى معلّقًا إلى أجل غير مسمّى، رغم أهميته في تعزيز الشفافية وحماية حقوق المواطنين".
وأكد وزير الدفاع أنّ "لجنة الميكانيزم التي أنشئت لتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية ومراقبته، تتجه إلى اكتساب دور تفاوضي يمهّد لبدء مفاوضات غير مباشرة تهدف إلى تثبيت الأمن والاستقرار على الحدود الجنوبية".
وأوضح أنّ "التفاوض غير المباشر يمكن أن يبدأ عبر هذه الآلية، في ظل الحاجة إلى إنهاء حال الحرب التي أثرت على اللبنانيين اقتصاديًا وعسكريًا وماليًا".
وأشار إلى أنّ "الجيش يواصل تنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة التي أقرّها مجلس الوزراء في أيلول 2025"، موضحًا أنّ "المرحلة الأولى تشمل المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني حتى الحدود، ومن المتوقع إنجازها قبل نهاية العام".
وشدد على أنه "لا يُعقل أن يكون هناك بندقيتان على الأرض، وإنما بندقية الدولة فقط، ومن هنا جاء قرار مجلس الوزراء بحصرية السلاح".
وأكد أنّ "السلاح المصادر يُفرز بين ما يمكن الاستفادة منه وما يُتلف وفق المعايير العسكرية، في إطار سرية تامة".
وبالنسبة إلى تصريح المبعوث الأميركي توم براك الذي دعا الرئيس جوزاف عون إلى التواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال منسى: "لا يمكن أن يحصل، ونحن في المؤسسة العسكرية أصحاب صمود".
وفي ما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية، شدد على أنّ "الجيش ملتزم الدفاع عن السيادة اللبنانية والرد على أي توغل"، قائلاً: "نواجه بإمكاناتنا المتوافرة ومن لحمنا الحي، ونطلب الدعم لتعزيز قدراتنا".
وشدد على أنّ "الجيش هو الضامن الوحيد لسيادة الدولة وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية".
وفي ملف الدعم الدولي، أعلن منسى أنّ "لبنان تلقى مساعدات أميركية بقيمة 230 مليون دولار من دون شروط، إلى جانب دعم أوروبي بقيمة 12.5 مليون يورو مخصص للمعدات غير القتالية"، مشيرًا إلى "اتصالات مع اليونان والكويت لتزويد الجيش بأسلحة وتجهيزات إضافية استعدادًا لتسلّمه كامل مهامه في الجنوب بعد انسحاب اليونيفيل".
وأكد "ضرورة وحدة الموقف الداخلي ودعم المؤسسة العسكرية"، قائلاً: "صمود اللبنانيين هو أساس الصمود الوطني، والجيش هو عمود الدولة وحاميها".
ولفت إلى أنّ "العلاقات اللبنانية – السورية تشهد تطورًا إيجابيًا على المستويين الأمني والسياسي"، مشيرًا إلى "توقيع اتفاقية تعاون أمني مع نظيره السوري خلال لقاء عقد في السعودية، هدفت إلى تهدئة الأوضاع على الحدود الشرقية وضبط عمليات التهريب".
وأوضح أنّ "الحوادث التي شهدتها الحدود أخيرًا دفعت الجانبين إلى إنشاء غرفة عمليات مشتركة للتنسيق الفوري بين النقاط العسكرية اللبنانية والسورية عند وقوع أي حادث، ما ساهم في تثبيت الهدنة وتخفيف التوتر".
وأشار إلى أنّ "التعاون بين البلدين توسّع ليشمل مجالات أخرى، منها الاتفاق القضائي المرتقب لتسليم المطلوبين"، مؤكدًا أنّ "الإرادة السياسية موجودة لدى الطرفين للوصول إلى ترسيم الحدود، رغم تأخر الجاهزية الفنية من الجانب السوري".
وفي ما يتعلق بمكافحة تهريب المخدرات والكبتاغون، أوضح وزير الدفاع أنّ "المعامل الأساسية كانت في سوريا قبل أن تنتقل بعض النشاطات إلى لبنان"، مشددًا على أنّ "التنسيق الأمني بين الجيشين اللبناني والسوري أدى إلى انخفاض كبير في عمليات التهريب".
أما في ملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، فأعلن أنّ "خمسة مخيمات تم نزع سلاحها الثقيل والمتوسط، والعمل جارٍ لاستكمال العملية في باقي المخيمات تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية".
وعن حادثة مقتل الشاب إليو أبي حنا في مخيم شاتيلا، أكد منسى أنّ "التحقيقات ما زالت مستمرة، وأن نتائجها ستعلن فور اكتمالها"، داعيًا إلى "التريث وعدم استباق نتائج التحقيق".
وأكد أنّ "المرحلة الحالية تتسم بإيجابية واضحة في العلاقات بين بيروت ودمشق"، مشيرًا إلى أنّ "التعاون الأمني يمهّد لمرحلة جديدة من الانفتاح والتفاهم بين البلدين".
كما أكد أنّ "الجيش اللبناني مستمر في تنفيذ خطته في منطقة جنوب الليطاني ضمن مراحل متتالية"، موضحًا أنّ "الانتقال إلى المرحلة الثانية سيكون مرتبطًا بتقرير يصدر عن قيادة الجيش عند انتهاء المرحلة الأولى، فلا مهل زمنية محددة مسبقًا لأن طبيعة الأرض والمهام الميدانية تفرض واقعها".
وأشار إلى أنّ "العمل في الجنوب يواجه صعوبات ميدانية كبيرة، خصوصًا في المناطق الجبلية والوديان، حيث يجري الجيش عمليات تفتيش دقيقة للأنفاق ومخازن الأسلحة"، مؤكدًا أنّ "الوقت ليس معيارًا بقدر ما هو إنجاز المهمة وحماية الأرواح".
وفي ما يتعلق بملف ترسيم الحدود مع سوريا ومزارع شبعا، شدد على أنّ "هذا الملف سيُبحث في إطار لجان متخصصة في الوقت المناسب"، مشيدًا بـ"الدور السعودي في رعاية الحوار الإقليمي الهادف إلى تعزيز الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية".
وبالنسبة إلى العلاقة مع حزب الله، أوضح أنّ هناك "تواصلاً قائمًا على غرار التواصل مع سائر الأحزاب اللبنانية، وأنّ الخطة العسكرية تهدف في جوهرها إلى استعادة السيادة اللبنانية على كامل الأراضي"، لافتًا إلى أنّ "التعاون الوطني ضروري لإنجاح هذه المساعي".
وختم في موضوع إعادة العمل بخدمة العلم، كاشفًا أنّ "وزارة الدفاع تدرس إعادة تفعيلها بصيغة جديدة تشجع الشباب على الانخراط في المؤسسة العسكرية، مع تعديل المنهجية بما يتناسب مع الظروف الحالية".