دراسة أولية… مؤشرات خطيرة تحتاج متابعة
وفي حديث لـ"ليبانون ديبايت"، أكد الدكتور الفكهاني أنّ الدراسة أولية وتعتمد على عينات محدودة، لذا لا يمكن اعتبار نتائجها شاملة بعد. وقال: "هدف الدراسة هو دق ناقوس الخطر وحث الجهات الرسمية على القيام بفحوصات دقيقة للهواء وإصدار نتائج رسمية واضحة."
وأضاف أنّ طريقة الفحص المستخدمة دقيقة، لكنها لا تغني عن الآليات العلمية المعتمدة عالميًا، موضحًا: "الفحص المثالي يتم عبر جهاز يسحب كمية معينة من الهواء ويقيس عدد الجراثيم بدقة. إذا كان العدد تحت 150 جرثومة، فهو ضمن المقبول، بين 150 و500 يتطلب الحذر، وإذا تجاوز 500 فهنا نكون أمام مشكلة حقيقية."
وشدّد على أنّ الفطريات موجودة طبيعيًا في الهواء، لكن الخطر يبدأ عندما تتجاوز نسبتها الحدود المقبولة. وأوضح مثالًا قائلاً: "عندما أجريت اختبارات للهواء داخل مختبري، كانت النتيجة صفرًا بسبب الإغلاق والتكييف، أما في الهواء الطلق فيظهر التلوث طبيعيًا، ويصبح الخطر حقيقيًا إذا تجاوزت النسبة الحدود المسموح بها."
الضاحية الأعلى تلوثًا… والحرب زادت المشكلة
وأشار الفكهاني إلى أنّ الضاحية الجنوبية سجّلت أعلى نسب التلوث، فيما أظهرت مناطق أخرى مثل بيروت، صيدا والقماطية ارتفاعًا مقلقًا أيضًا.
ولفت إلى أنّ الحرب الأخيرة أسهمت في انتشار البذور الفطرية في الهواء: "الفطريات لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تنتشر ببذورها، وخلال القصف تتطاير أكثر، ما رفع نسبة التلوث في الضاحية. كل منطقة تعرضت للاستهداف ستكون ملوثة، من الجنوب إلى البقاع."
ماذا على الدولة أن تفعل؟… والأمطار قد تحمل انفراجًا
حول دور الدولة، أكد الفكهاني أنّ المطلوب دراسة وطنية شاملة تحدد بدقة نسب التلوث وتضع خريطة واضحة للمناطق الأكثر عرضة. وأضاف: "من الصعب الحد من التلوث الفطري يدويًا… الأمطار قد تكون الحل الطبيعي الوحيد القادر مؤقتًا على تنظيف الهواء."
تأثير صحي متفاوت… والبداية غالبًا رشح مستمر
أما من الناحية الصحية، فحذر من أنّ الخطر الأكبر يطال أصحاب المناعة الضعيفة مثل مرضى السرطان، السيدا، الربو، والمستفيدين من عمليات زرع الأعضاء.
وفي المقابل، قد لا يتأثر الأشخاص الأصحاء بشكل مباشر، لكنهم قد يلاحظون أعراضًا أولية مثل:
رشح متكرر لا يتوقّف
التهابات تنفسية متقطعة
وقال: "اليوم هناك عدد كبير من المرضى يعانون من أعراض متكررة من دون سبب واضح ويرجّح أن يكون ذلك مرتبطًا بتلوث فطري في الهواء."
ناقوس خطر… والمسؤولية علمية ورسمية
في ظل هذه المؤشرات الأولية، يصبح لزامًا على الدولة والجهات الصحية التعامل بجدية مع الملف عبر فحوص دقيقة، ودراسات ميدانية، ونشر النتائج بشفافية مطلقة، لأن صحة الناس لا تحتمل التأجيل.
وإلى حين صدور بيانات رسمية، تبقى هذه الدراسة تنبيهًا جديًا لما قد يكون مشكلة خفية في الهواء اللبناني… مشكلة لا تُرى بالعين، لكن نتلمّسها في التنفس، وتُقاس في المختبر، وتؤثر على حياة الناس يوميًا.