في هذا الإطار، يؤكّد الباحث السياسي د. خالد الحاج، في حديث لـ"ليبانون ديبايت"، أن "الزيارة التي قام بها الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن مثّلت نقطة تحوّل كبرى في موقع سوريا على الخريطة السياسية للشرق الأوسط، هي إعلان صريح عن ولادة سوريا جديدة بعد سقوط النظام البعثي، وانتهاء مرحلة كانت فيها دمشق أسيرة النفوذ الإيراني والارتباطات الأمنية الخارجية".
ويشير إلى أن "هذه الزيارة، التي استمرت عدة أيام وشهدت لقاءات مع كبار المسؤولين الأميركيين، كشفت بوضوح أن المسار الدولي بات يراهن على دمشق الجديدة كعنصر توازن إقليمي، لا كجزء من المحاور المتنازعة، وكلام المبعوث الأميركي الخاص إلى المنطقة، توماس باراك، عبّر بوضوح عن هذا التوجه في تصريحه، هي ليست مجرد رسالة دبلوماسية، بل إعلان عن تحوّل استراتيجي في مقاربة واشنطن للملف السوري، فالولايات المتحدة، التي كانت ترى سوريا ساحة نفوذ إيراني يصعب التعامل معها، بدأت اليوم تنظر إليها كدولة تستعيد سيادتها وتتحرّر من الوصاية القديمة".
ويعتبر أنه "منذ سقوط النظام السابق وتفكك مؤسساته الأمنية، بدأ مسار إعادة بناء الدولة على أسس وطنية لا مذهبية، المؤسسات الجديدة في دمشق نجحت تدريجيًا في استعادة السيطرة على الأرض والحدود، وتفكيك شبكات التهريب والميليشيات المرتبطة بطهران، هذا المسار عزّز ثقة المجتمع الدولي بالقيادة الجديدة، التي قدّمت نفسها كمحاورٍ عقلاني، قادر على موازنة العلاقات مع الغرب والشرق، دون أن يتحول إلى أداة بيد أي محور".
ويشدّد الحاج، على أن "زيارة الشرع إلى واشنطن جاءت تتويجًا لهذه التحولات، ورسالة إلى الداخل والخارج بأن سوريا قررت العودة إلى النظام العربي والدولي من موقع الندّية لا التبعية، والأهم أن اللقاءات في العاصمة الأميركية لم تقتصر على الأمن والسياسة، بل تناولت ملفات إعادة الإعمار، وفتح قنوات تنسيق دبلوماسي وأمني مع العواصم العربية، هذه المؤشرات تدل على أن ما يجري ليس مجرد تقارب ظرفي، بل إعادة صياغة شاملة للعلاقات الإقليمية".