"ليبانون ديبايت"
لا يزال موضوع إبرام الاتفاقية مع قبرص حول ترسيم الحدود البحرية يرخي بتداعياته على الداخل اللبناني، سواء لجهة الاستعجال غير المبرّر أولاً، أو لجهة عدم تمرير المعاهدة بقانون في مجلس النواب.
وفي هذا الإطار، يرى عضو كتلة الوفاء للمقاومة وعضو لجنة الأشغال النيابية حسين الحاج حسن أنّ المعاهدة، من الناحية الأصولية، تحتاج إلى قانون في مجلس النواب لإبرامها. ويعتبر أن هذا رأي دستوري واضح، لكن الحكومة تجاوزته للأسف. لذلك ستُعقد الخميس المقبل جلسة للجنة الأشغال النيابية سيتم خلالها التحضير لسؤال نيابي: "هل يحق للحكومة إبرام هذه الاتفاقية من دون موافقة مجلس النواب؟"، مؤكداً أن هذا الموضوع قيد المتابعة.
ويسأل النائب الحاج حسن عن سبب الاستعجال، في وقت لم يعرف لبنان بعد ما جرى في البلوكات 4 و8 و9 في مرحلة الاستكشاف، خصوصاً أنّ الشركة المنقِّبة تماطل ولم تقدّم أي مبررات واضحة، بل يبدو بوضوح أنها لا تريد استخراج الغاز والنفط للبنان. ويتساءل: "لبنان الذي لم يكن مستعجلاً على الاستخراج، لماذا يستعجل اليوم؟".
ويُنبّه إلى أنّ الاتفاق مع قبرص خلق مشكلة مع تركيا، وأن الاعتراض التركي بدأ يظهر بوضوح.
ويذكّر بأنّ لجنة الأشغال عقدت في السابق اجتماعَين حضرهما خبراء تقنيون وعسكريون، حيث قُدّمت آراء لبنانية ودولية تحذّر من أن الدولة، عبر هذا الاتفاق، تفرّط بحقوقها البحرية. وهذه الآراء صادرة عن خبراء لبنانيين، بعضهم ضباط سابقون معنيون بالملف، وبعضهم أساتذة جامعات أو باحثون اقتصاديون وخبراء في هذا المجال.
ويكشف أنّ لجنة الأشغال استعانت أيضاً بخبير دولي ألماني، دعا إلى التريّث وإلى مزيد من الدراسة والنقاش والتفاوض مع قبرص، إضافة إلى ضرورة الاستعانة بخبراء دوليين آخرين، وهذا كان رأيه الواضح.
ويعدّد النائب الحاج حسن الملاحظات على مستويات عدة:
على المستوى الدستوري: الحاجة إلى قانون لإبرام المعاهدة.
على مستوى الاستعجال: لماذا هذا التسرّع طالما أن "توتال" لم تستخرج الغاز والنفط بعد؟
على المستوى السياسي: أدّى الاتفاق إلى استجرار مشكلة مع تركيا، ولا تُعرف تداعياته على العلاقة مع سوريا.
على مستوى الخبراء: النصائح كانت تدعو إلى التمهّل، إلا أنّ ما حصل، بحسب رأيه، هو هدر جزء من المياه الإقليمية وربما جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، وهو رأي يؤكده ويتبنّاه.
وعن احتمال وجود صفقة سرّية وراء هذا الاستعجال، يرى النائب الحاج حسن أن من وقّع الاتفاق هو من يجب أن يجيب عن هذا التساؤل، خاصة أنّ توصية لجنة الأشغال كانت عدم الاستعجال، وكذلك رأي الخبير الدولي، إضافة إلى آراء خبراء تحدّثوا إعلامياً ونصحوا بعدم التسرّع. وبرأيه، من الواضح أن لتركيا موقفاً سلبياً من الاتفاق، ورغم ذلك مضت الحكومة في إبرامه بشكل سريع.
ويلفت إلى أنّ هيئة إدارة البترول أكدت أنّ الشركات المنقِّبة غير مستعجلة على التنقيب في لبنان، بحسب ما سمعه منها مباشرة. لذلك يتساءل مجدداً: "لماذا الاستعجال؟".
والأخطر، وفق قوله، هو أنّ الحكومة أبرمت المعاهدة من دون قانون، ما يدفع باتجاه إعداد سؤال نيابي مشترك من عدة كتل نيابية ومن مشارب سياسية مختلفة.