كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، في تحقيق موسّع، تفاصيل جديدة حول طبيعة العلاقة التي جمعت المليونير المدان بجرائم جنسية جيفري إبستين بالرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن هذه العلاقة كانت أكثر تعقيداً وامتداداً مما أُعلن عنه رسمياً على مدى السنوات الماضية.
وبحسب التحقيق، فإن ترامب ومحيطه قدّموا، على مدى ما يقارب ربع قرن، روايات متبدّلة وغالباً متناقضة حول علاقته بإبستين، تراوحت بين التأكيد على أنها كانت سطحية أو غير موجودة، وبين الإقرار بأنهما التقيا في مناسبات اجتماعية من دون صداقة حقيقية. ونقلت الصحيفة عن ترامب قوله في إحدى المناسبات: "لم أكن من معجبيه، هذا ما أستطيع قوله".
إلا أن التحقيق خلص إلى أن العلاقة بين الرجلين، منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، كانت وثيقة لسنوات طويلة، ودفعت كثيرين من معارفهما إلى الاعتقاد بأنهما كانا من أقرب الأصدقاء. ففي تلك المرحلة، كان إبستين ممولاً غامض المصدر، فيما كان ترامب وريثاً في قطاع العقارات ومولعاً بالأضواء، وقد جمعتهما دوائر الحفلات والنشاطات الاجتماعية في نيويورك وفلوريدا.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الرجلين ارتادا مراراً منازل بعضهما، وتواصلا هاتفياً بشكل متكرر، وفق شهادات موظفين سابقين لدى إبستين وأشخاص تواجدوا في محيطهما. ولفت التحقيق إلى أن أحاديث إبستين مع ترامب كانت تتركّز على قضايا شخصية، على عكس نقاشاته مع شخصيات أخرى في السياسة أو المال.
وأكد التحقيق أنه، رغم عدم وجود أدلة على تورط ترامب في استغلال إبستين الجنسي للقاصرات، فإن العلاقة بينهما كانت أقرب وأكثر تشابكاً مما يعترف به الرئيس الأميركي حالياً. وذكرت الصحيفة أن عدداً من النساء اللواتي جرى استدراجهن من قبل إبستين أو شريكته غيسلين ماكسويل تواجدن في مناسبات حضرها ترامب، من دون أن يوجَّه إليه اتهام مباشر بسلوك غير لائق.
وبيّنت الصحيفة أنها أجرت مقابلات مع أكثر من 30 شخصاً، بينهم موظفون سابقون لدى إبستين وضحايا لإساءاته، إضافة إلى مراجعة وثائق قضائية وسجلات عامة ورسائل إلكترونية أُفرج عنها لاحقاً من قبل الكونغرس.
كما تناول التحقيق الخلاف الذي نشب بين الرجلين في منتصف العقد الأول من الألفية، والذي تزامن مع بدء ظهور الاتهامات ضد إبستين. ومنذ تلك المرحلة، تغيّرت روايات ترامب ومساعديه حول أسباب القطيعة، بين القول إن إبستين مُنع من دخول منتجع مار-إيه-لاغو، أو التقليل من شأن العلاقة برمتها.
وأعاد التحقيق تسليط الضوء على الجدل المتجدد في الولايات المتحدة بعد إقرار تشريع يُلزم وزارة العدل بالإفراج عن وثائق إضافية مرتبطة بقضية إبستين، ما فتح الباب أمام موجة جديدة من التدقيق السياسي والإعلامي، وسط مطالب بكشف أوسع لما قد تتضمنه هذه السجلات، مع استثناء ما يمسّ بهوية الضحايا أو التحقيقات الجارية.
وردّاً على التحقيق، اعتبرت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن ما نُشر "إعادة تدوير لاتهامات قديمة"، مؤكدة أن الرئيس ترامب "لم يفعل شيئاً خاطئاً"، وأنه قطع علاقته بإبستين منذ سنوات.