"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

ماكرون محاصر بالسترات الصفر من جديد. ربما على الرئيس عون وبخطوة ردّ جميل إلى حضن الأمومة الأَغرّ إرسال اللواء عباس ابراهيم للدخول في وساطة بين الإليزيه والشعب. في باريس أيضاً على ما يبدو أزمة نظام وحكم. فرنسا أيضاً تعاني من وصايتها على كاليدونيا الجديدة التي ما زالت مستمرة منذ 165 عاماً. خريطة طريق لبنانية مطلوبة لتشكيل حكومة في بلاد جان دارك. غداً سيُعَيَّر الرئيس الفرنسي بأنه يحلّ مشاكل لبنان فيما بلاده تغرق في احتجاجات شعبية غير مسبوقة. انتداب لبناني معطوف على انتقام ناعم يمارسه كل مَن عانى من غطرسة سليل روتشيلد الذي أشبعنا أمثولات وطنية من قصر الصنوبر.

كُفّت يد إمانويل بعد أن خرج عن حدود المهمة الأميركية الموكلة اليه من واشنطن. وقفته الحميمة مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة لم ترق لروبرت أوبراين مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الذي يحضّر لعقوبات جديدة بحق كل من يدعم حزب الله في لبنان. انتهى التوكيل الأميركي لفرنسا في لبنان وحلّ الأصيل مكان الوكيل. سنشهد حرب أميركية بالواسطة عبر حلفائها في بيروت وبالمباشر اذا اقتضى الأمر. " أديب " فرنسا في لبنان بات من دون ذخيرة فرنسية وستكون حكومته إذا تشكّلت بذخيرة خلَّبيَّة في أفضل الأحوال.

اذا كنّا ذاهبين الى عقد سياسي جديد فما معنى أن تتشكل حكومة وفق قواعد اللعبة القديمة؟ واذا تشكَّلَت الحكومة فأي سبيل لها للإصلاح وفق اللعبة القديمة؟ تغيّرت اللعبة وبات لبنان في مرحلة تغيير جِلدِه. بوتوكس الطائف لم يعد مستَحضراً ناجعاً لشَدّ بشرة النظام ولا لإعطائه مظهراً يخفي عوراته وتجاعيده البنيوية. سنكون أمام عملية جراحية تحت ضغط الفوضى السياسية أو الفوضى الأمنية أو تحت ضغط الإثنين معاً.

الأنظار تتوجه ولو بِخَفَر نحو المؤسسة العسكرية. في الأروقة سيناريوهات عديدة كما على أعمِدة الجرائد إنما من دون خارطة طريق واضحة للخروج من الأزمة. الجيش بعقيدته وقيادته الحالية لا يخطط لأكثر من حماية العسكر وتطبيق المعايير الدولية في التعاطي مع الفوضى الراهنة. المؤكد أنه يكسب على ظهر ضمور دور الأحزاب التي فشلت في إبقاء الطائف صامداً بوجه الرياح العاتية التي تهب عليه من الإقليم القريب والبعيد على حدٍ سواء.

نمرّ بأعتى عاصفة تضرب لبنان منذ استقلاله عن فرنسا. انحلال في كل مفاصل الدولة. إهتراء في كل خدماتها. فقدانها للهيبة والإحترام يدفع الناس إلى نزع صور الرمز الأول للدولة من المؤسسات الرسمية ودوسه بالأرجل. هناك دولة عميقة تعمل بتؤدة على تغذية هذا الحقد. دولة من الجمعيات غير الحكومية والأحزاب الجديدة المستجدة. دولة من المخابرات والسفارات والقنصليات تعمل بالنقد النادر وتسرّع في الإنهيار قبل التوصل الى ولادة نظام جديد في لبنان.

لا يمكن إنتظار المولود الجديد في غضون أشهر قليلة. الحديث عن تزامن توقيع اتفاق إيراني - أميركي قريب هو من باب التمني. التطبيع عرقل مساعي التسوية. سيكون على لبنان توقّع سنة أو سنتين على الأقل ليبحِر في سفينة غير مثقوبة. حتى ذلك الحين موجات حارة وباردة ستضربنا كل فترة. مشاهد السخونة والبرودة والهدنة والأمل والرجاء ستكون من يومياتنا وسنتذكر أياماً سوداء عشناها واعتقدنا أنها دُفِنَت الى غير رجعة. فقط في لبنان يعود الموتى الى الحياة. فقط في لبنان نجترّ مآسينا ببلاهة وقصر نظر ومراهقة وطنية. فقط في لبنان نجد شعباً على مقاعد الإحتياط يتفرّج على المباراة. فقط هنا نجد من يظنّ أنه لاعب فيما هو ملعوبٌ بِه.