المحلية

روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت
الاثنين 13 حزيران 2016 - 09:12 ليبانون ديبايت
روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت

لبنان "جنسيّة قيد الدّرس"!

لبنان "جنسيّة قيد الدّرس"!

ليبانون ديبايت - بقلَم روني ألفا

لبنان وطن مستَحيل. يستطيع قاطنوه أن يَختَرِعوا له مبررات وجود متعددة لكنه لن يتوقّف عن كونِه وَطناً مستَحيلاً.

عانت هذه الرقعة من الجغرافيا من سلسلة أزمات وكان يُطَلَق على كلّ واحدة منها صفة "الأزمة الوجوديّة" لا لسبب إلا لأنّ وجود لبنان ككيان شرعي ووطن نهائي كان دائِم الإلتباس.

وبالرغم من ورود صفة "كيانية" الوطن و"نهائيته" في متن الدستور اللبناني إلا أنَّ السجال حامي الوطيس على طبيعته الجيو سياسية غالباً ما وضعه في مَصاف "جنسيّة قيد الدرس".

هناك قومية ألمانية وفرنسيّة وإيطالية وإسبانيّة طوّرتها الظروف إلى إتحاد أوروبي وبقيت بالرغم من الصيغة الإتحاديّة ناصعة ومتماسكة. بقيت كذلك لأنها تعمّدت بالدمّ والثورات الثقافية والإجتماعيّة.

لبنان بلد ثوّار لكنه لم يكن يوماً وطن ثورات. نجده مسكوناً بالميثولوجيا وبنوع من نرجسيّات قوميّة تمّوه مشاريع سلطة. نراه تارةً قصيدة مُراهِقَة على لِسان كمال يوسف الحاج، قصيدة منتِجَة للشعر على ضروبِه دون أن تكون منتِجَة لنِظام سياسي متماسِك وغير هَجين، وطوراً "جبهة وطنية" "تًمَسحِن"( من المسيحيَّة") الهويَّة فتستبيح المحظورات وتذهب إلى حدّ العنصريَّة و"التنظيف" العرقي!

جرّبّ لبنان كلّ العقائد، استورد عبد الناصر من مصر ولينين من الإتحاد السوفياتي السابق وأنطون سعاده من سوريا وسعيد عقل من التوراة والإنجيل، والإمام المعصوم من بلاد فارِس، واستورَد إمارات وممالِك لا تُعَدّ ولا تُحصَى خلال تاريخه السحيق والمعاصِر فأضحى ساحةً لفوتبول الأمم وحلبة صِراع تتشاحَن فيها المفاهيم ومزبلة نتنة لتصفية الحسابات بين الأمم الكبيرَة وسوقاً لتسييل المال الحرام وتبييضِه.

كيف يمكن لهذا الهَجين أن يَرتَقي إلى رتبَة وَطن؟

لا شيئ يوحي أن لبنان وهو المسمّى اللفظي الوحيد الذي قاوَم مرور الزمن، لا شيئ يوحي أنه مهيّئٌ إلى تبوّأ هذه الهويّة.

ولأنه كذلك يلعب فيه صِغار سياسييه كل ألعابِهم الصغيرَة، يحلفون بالوطن ويشدّون أزر محازبيهِم ويسوّقون هذه البضاعة الوطنيَّة البالية ويجدون من يصدّقهم لسبب بسيط هو أن القاطنين يرفضون التصديق أنهم بلا وَطَن.

هؤلاء يحلمون بالوطن ويصدّقون من يدّعون أنه موجود بلحمِه ودَمِهِ في خطاباتِهِم وفي حروبِهِم.

اللبنانيون في أزمة وجوديّة كبرى ويرفضون الإعتراف بِها، يَعتريهِم التّصديق بكيانيّة وطنهم ونِهائيّتِه وكلّ مِن يُهدّد هذه النوستالجيا الحميمة يُضايِقهم ويقض مضاجعهم.

إنهم أشبه بِمَرضى السّرطان الذين ينامون على وعود أطبائِهِم بالشفاء فيما السّرطان ينتشر في كلّ خليّة من أجسادِهِم...يَذهبون إلى الموت ظناً منهم أنهم يَذهبون إلى الحياة وطول البقاء.

لهذا السبب لا يأكل اللبناني من قِدرِه بَل منِ قِدرِ غيرِه، الطباخون خارِج لبنان والآكِلون الضارِسون في الداخِل.

مُحتَرِفو السياسة في هذه الرقعَة من الجغرافيا يَعرِفون هذا الألتباس ويَعرِفون أن حكم لبنان يتمّ من خارِج لبنان، جرّبوا المعادَلة ونَجَحت فَحَكموه من إسرائيل وسوريا وإيران والعراق وليبيا ومصر والإتحاد السوفياتي السابق والولايات المتّحدة وكوبا ولَم يتكبّدوا مشقّة حكمه من الداخِل. أبقوا على بيع الكِذبَة الكيانيّة، استمرّوا بِتسويق الخَديعَة التاريخية، تلك التي تؤكد أن لبنان ليس قيد الدرس، عرَفوا أن تسويق هذا الحلم المستَحيل هو السبيل الوحيد الذي سيدفع بشعبنا الطيب إلى غضّ النّظر عن حروبهم وأخطائِهم وخَطاياهم. الشعب ( إذا صحّ التعبير) مستعدّ دائِماً للتفوّه بِهذه العبارة: " مغفورة لَكم خَطاياكُم" لأنه في الأساس لَم يَكن هناك من خطيئَة أرتُكِبَت. لا يُمكِن إرتِكاب خَطايا وطنيّة حيث لا وجود للوطَن!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة