بِقَلَم الأستاذ روني ألفا
منذ أن تبَرعَمَ قبل أشهر قليلة، استحوذ "التجدد للروم الكاثوليك" على إهتمام الأوساط الكنسية والعلمانية في الطائفة كما على اهتمام ( منه ما هو ممزوج بالريبة ومنه برغبة في الإستطلاع) الخاصّة والعامّة.
لبنان عُصارَة عائلات روحيّة ( والعبارة لَم أجِد لَها مرادِفاً في لغات العالَم سِوى في لغة الضاد) تتحّد حيناً عندَما تلمّ النوائِب فيستيقظ حنين الإنتماء إلى الوَطن الملتبس، وتتصاعَق أحياناً أخرى عندما تَطفو عصبيات عائلة روحية على أخرى يدفعها إلى ذلك إختزال سلطة أو تباعد رؤى وطنية وقومية بينها وبين غيرها من العائلات.
تجربتنا في " التجدد" لا تنتمي إلى هذا الإلتباس. فهي تجمع مواطنين يسكنهم لبنان أولاً وتستوطن فيهم رغبة مقهورة في ردّ الإعتبار لعائلة روحية موغلة في التاريخ والجغرافيا، عائِلَة فيها من العروبة ما يكفي لتأسيس حضارَة بأكملِها، ومن اللبنانيّة ما يكفي لتثبيت حضورٍ لَها في المجتمع والدولة هو ممنوع من الصرف ويؤخذ غلابا بَدَل أن يُعطى كما أُعطيَ لكلّ العائلات الروحية في بلدنا.
ليس " التجدد" لِتعداد مواطِن الحِرمان وتصنيف أنواع الغبن الواقِع على " الملكيين" في لبنان بل لِلنهوض بِطائِفَة وزناتها أكبر من حرمانها، وقدراتها أكبر من حصّتها، وكنيستها أرقى من خلافات أقطابِها.
ليس " التجدد" تطييفاً وتمذهباً وتقوقعاً بَل إكتشافاً للذات الإنتمائيّة،ووعياً للجذور التي حملها بطاركة انطاكية واورشليم والاسكندرية وسائر المشرق في رحلة زمنية وروحية إنفتاحية يُحتَذى بِها.
طائفة الروم الملكيين الكاثوليك قامت بإدارة المدارس والجامعات والمستشفيات والملاجئ ودور العجزة حول العالم. وكوَّن رجالاتها في بعض الأقطار التي تسكنها غالبية كاثوليكية أحزابًا سياسية قوية. وكان للكنيسة الملكية أثر كبير في تاريخ أوروبا السياسي والثقافي والأدبي والفني و" التجدد" يحاكي هذا العصر الذهبي والنهضوي، ويحاول عبر ثلّةٍ من " التجدّديّين" ربط إسم الطائفة بدور العلم ومراكز الأبحاث والمراصد العلمية والمؤسسات، يشدّهم إلى ذلك قناعة أن الروم الملكيين الكاثوليك دعاة " العيش معاً" على ما جاء في السينودس من أجل لبنان حينما أتى على ذكر المسيحيين ودورهم الطليعي في لبنان والعالم العربي.
و" التجدّد" يزاوِل السياسة عملاً متكّئاً على برامِج وخِطَط، ويسمَح ببروز طاقات جَديدة ويعطي للعمل السياسي بعداً آخَر مختَلِفاً عن الصراع على السلطة من حيث هي نهش للمال العام وتنمية للمال الخاص.
بالطبع، لبنان ليس بِحاجَة إلى تموضع يضيف على تناقضات الحالة اللبنانية زوايا من الصراعات الفرعية لكنه حتماً بحاجة إلى "تجدّد" ينطلق من الذات نحو الآخَر في الوطن على غرار " التجدّد للروم الكاثوليك" الذي باتت عناوينه مكشوفة وأحلامه على مستوى الخريطة الحضارية لانطاكية واورشليم والاسكندرية وسائر المشرق....ولبنان قبل أي خَريطة أخرى!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News