المحلية

روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت
الخميس 10 تشرين الثاني 2016 - 14:22 ليبانون ديبايت
روني الفا

روني الفا

ليبانون ديبايت

تاريخ إنتِهاء الصلاحيَّة

تاريخ إنتِهاء الصلاحيَّة

ليبانون ديبايت - روني الفا

وأنا أبحَثُ في سجلات النفوس اللبنانية، اكتشَفتُ أننا مَوتَى،
وقد نُبِشتَ قبورُنا،
وسُرقَت مقتَنَياتُ جُثَثِنا،
دونَ أو يوفِّرَ نابِشو قبورِنا أضراسَ الفِضَّة أو الذّهَب التي بَقيَت في أفواهِنا.
أكتَشَفتُ أننا شَعبٌ مَسروقٌ جملَةً وَتَفصيلاً ولو استَطاعَ أفرادُ العِصابَة أن يَسرقوا أيضاً ثيابنا التي سُجِّينا بِها لَفَعَلوا ذلك دونَ تأنيبِ ضَمير.
ومَع إعتِذاري المسبَق على صَراحَتي المُفرِطَة،
اكتَشَفتُ أنَّ أغلَبَنا حَيٌّ بِوَثيقَة ولادَة،
وميِّت دونَ وَثيقَة وَفاة.
واكتَشَفتُ أيضاً من السِجّلات،
أنَّ كلّ البَشَر يَموتونَ مَرَة واحِدَة،
وَيُدفَنون مرَّة واحِدَة،
في مِقبرَة واحِدَة،
إلا نَحنُ،
نَموتُ كلّ يَوم،
ونُدفَنُ كلّ يَوم،
وَمَقابِرنا منتَشِرَة في كلّ الأمكِنَة....
لِذلك لا أجِدُ غَرابَةً في أن أُلقي كلّ يَوم صَباحاً التحيَّةَ على جثّتي،
وأتقبّل التّعازي بِوفاتي،
وأقيم الشَّعائِر لِتَخليد ذِكري.
واكتَشَفتُ من جملَةِ ما أكتَشَفت،
أننا في لبنان عِبارَة عن مَخلوقات إنتِخابيَّة، كرامَتُنا الوَطنيَّة ماركَة مسَجَّلَة على إخراجات قيودِنا الطائِفيَّة،
منّا من يرسم إشارَة الصليب بالثلاثَة،
ومنا بالخَمسَة،
ومِنّا من لا يَزال يَخوض حَرباً عمرها ألف وأربمائَة سَنَة بِضراوَة،
ومَن زَمَطَ من المَوت العبثين
حَوّل نفسَه إلى ما يُشبه فَرش أنتيكا من البسطا التّحتا،
مركونٌ في بيوت الزّعَماء،
تتأنّى الخادِمات الفيلبينيات الأنيقات مَسحَ غبارِه لِيبقى صالِحَا لجلوس الزعماء.
صدورُنا جَعلناها أرائِك وَثيرَة لِزعران الحَرب الأهليَّة الذينَ بنينا لهم تماثيل من نحاس الخوف وإسمَنت الخُضوع !
ماذا كانَ فَعَل بِهم يَسوع لو قرر بلفتةٍ كريمة أن يأتي عبرَ مَطار بيروت ويزور رعيَّتَه،
أما كانَ ليَقول لَهم:
"هذا بيتُ أبي وَقَد حَوَّلتموه مَغارَةً للصوص؟"
أما كانوا لِيَصلبوه ثانيَةً على أيدي أحفاد قيافا ويَهوَذا الإسخَريوطي؟
كلُّنا مَحسوبون بينَ عِداد الموتى،
كنّا فيما مَضى ننتَمي إلى العِرق الأبيَض فصِرنا ننتمي إلى عِرق التماسيح،
مواطِنون صناعَة تايوانيَّة وَتَجميع صيني،
مواطنون معلَّبونَ ومَكتوبٌ على عبواتِنا : "أُنظُر تاريخ إنتِهاء الصلاحيَّة"،
والأفضَل أن نُرمى في جُوَر المواطنين للخِرضَة أو الكَسِر،
وأن نُترَك ليأكلَنا الجنزار!
حَوَّلنا السياسيون مثلَهم إلى كَذَبَة بِمناخير ممتَدَة أينَ منها منخارُ بينوكيو،
وإلى كائِنات مُطيعَة أينَ منها كلاب مواكَبَةِ الضَّرير،
أَصبَحنا مَوتى ولكن بِدون حِسابات مَصرفيَّة في جنيف وبِدون ناطِحات سَحاب.
شَحَنونا بِبَطاريّات الحِقد،
أشعَلونا بِبِنزين الطّوائِف،
وفَجّرونا عند كلّ نَشرَة أَخبار.
تبادُلُ نيرانِنا الصَّديقَة وَصَلَ مَداها إلى مَسامِع العالَم،
ونَشرُ غَسيلِنا الوَطَني تَمتَّعَ بِه كلّ الجيران.
كلّنا مَوتى،
وليسَ هناكَ مَقبَرَة جَماعيَّة تتَّسِعُ لِدَفن كلّ فَضائِحِنا،
دُوَلنا مَعجونَة بالتّفاهَة،
وَتعيشُ على فُتات البنك الدَولي والأنروا ،
تَسرقُ الفقراء لتوزِّع على الزعماء،
دُوَلُنا لَم يَزُرها يَوماً روبن هود بِملامِح شَرقيَّة،
وَحَبّذا لَو يأتي يَوماً ليَسرقَ الزعماء ويعطي الفقراء.
عَرَضونا في شَهرِ التسَوّق للبيَع بأسعار مَحروقَة،
ففزنا بِالجائِزَة الأولى للجيَف الوَطَنيَّة سابِقينَ بأشواط المرشَّحينَ من جمهوريَّات أقراط المَوز وَشَحّاطات النايلون.
ليس في السجّلات ما ينبِئُ أننا شَعبٌ حَي فَسُبحانَ الحَيَّ الباقي،
وسُبحانَ الباقي بالحَيّ!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة