المحلية

الأربعاء 16 حزيران 2021 - 06:51

عون للأميركيين... "هذا الملف عندي مش عند الحزب"

عون للأميركيين... "هذا الملف عندي مش عند الحزب"

"

ليبانون ديبايت" - ميشال نصر


فجأةً، وفي عزّ معمعة التعقيد الحكومي، ظهر إلى الواجهة ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل من جديد. بعد الجولة الأخيرة وما رافقها من لغط وسوء فهم كاد يوصل إلى انفجار أزمة كبيرة بين بيروت، وتحديداً رئاسة الجمهورية، وواشنطن، التي اعتبرت أن الوفد المفاوض قد تمرّد على اتفاق  "جنتلمان"، قيل أن السفير دايفيد هيل أبى أن يغادر الخارجية قبل كتابة مسودّته. بضغط من "حزب الله" الذي وجد في الخطوة الرئاسية اندفاعاً "أكثر من اللازم" قد تُسقط من يد حارة حريك ورقة استراتيجية، تصنّف من بين أوراق الصف الأول، إن لم تكن أهمها، محلياً وإقليمياً ودولياً.



فكما اختلاف "الثنائي الشيعي" حول الطرف المسؤول عن تعطيل تأليف الحكومة، كذلك الأمر بالنسبة لملف الترسيم، رغم أن موقف بعبدا يبقى أقرب إلى عين التينة، خلافاً للعادة، منه إلى الضاحية، التي لعبتها صولد مع قيادة الجيش، ما أثار الكثير من التساؤلات حول أسباب هذا الموقف، وطرح في الوقت نفسه، علامات استفهام عند فريق بارز في الإدارة الأميركية السابقة، كما الحالية، والتي يرى مسؤول رفيع في خارجيتها، في التعارض بين بعبدا واليرزة حول "الخط 29" نقطة ضعف في الموقف اللبناني الرسمي، والذي لو أمكن توحيده، لكان التوصّل إلى حلول عملية متاحاً بسرعة قياسية، وكذلك، قطع الطريق على محاولات الممانعة في العرقلة، حيث أن  "مسالة الـ 29"، التي حُسمت قانونياً ودستورياً لصالح جنرال بعبدا، بقيت عالقة في السياسة لصالح جنرال اليرزة.


عند هذا الحدّ ثمة من يربط، وعن حق يراد به باطل، بين ملف الترسيم ومسألة رفع العقوبات عن الصهر ومعركته الرئاسية المقبلة. الأمر صحيح ولا ينكره المسؤولون الأميركيون، الذين يؤكدون أن الإدارة الديمقراطية قرّرت اعتماد نهج سابقتها الجمهورية وبتشدّد أكبر، بدليل إبقاء الملف بعهدة السفير جون دوروشيه، العامل تحت "إشراف" ومساعدة السفير جيفري فيلتمان من خارج الصورة متى دعت الحاجة، معتبرةً أن اختيار دوروشيه لشغل المنصب المؤقت في الدوحة لم يكن صدفة، إنما خدمةً للمهمة الأساسية الموكلة إليه بين لبنان وإسرائيل، والتي أدخلت على خطها إمارة قطر لأسباب جيو ـ استراتيجية عديدة.


وهنا، لا تنفي المصادر، أن يكون للملف تأثيراً إيجابياً لصالح معركة عون - باسيل الرئاسية، في حال أُجيد استعماله، كونه ممراً إلزامياً ولكنه غير كاف، رغم تشكيكها بقدرة المفاوض الرسمي على التحكّم باللعبة لوحده، بعيداً عن ضغوط "حزب الله" التعطيلية، وفقاً للتجربة السابقة، وذلك، مع ما كاد أن يتسبّب به الأمر من أزمة مع الرئاسة، لولا مبادرة الوسطاء إلى ترطيب الأجواء مع المسؤولين في واشنطن، والتي أثمرت زيارةً "مفاجئة" للموفد الأميركي، تتويجاً للإتصالات البعيدة عن الإعلام التي تولاها سعاة الخير.


وبالعودة إلى الزيارة ولقاءاتها التي غابت عنها محطة عين التينة، خلافاً للعادة، بحجة أن أجندة اللقاءات محصورة بالأطراف المعنية بالملف، وتسجيل اجتماعات في عوكر بقيت بعيدة عن الإعلام، يتبيّن من محضر اجتماع رئيس الجمهورية بالموفد الأميركي، أن جنرال بعبدا غير مستعد، أقلّه شكلاً، لتغيير إطار اللقاءات من رباعية إلى ثنائية، وإن كانت الحلول الوسط في هذا المجال واردة إلى حدّ كبير، وقد أبدى حرصاً لافتاً على التعاون، بحسب الأميركيين، الذين لحظوا استمرار "التمايز" في اللغة بين الرئاسة والوفد المفاوض.

وذلك، مع العلم أن الجانب الأميركي لم يطرح تغييراً في قواعد التفاوض، بل قام بجسّ نبض لإمكانية تعديلها في الشكل يتوافق مع المرحلة المقبلة، ويسمح بتقدّمها لإحداث الخرق المطلوب بالسرعة اللازمة، بما يخدم مصلحة لبنان الإقتصادية في الظروف الحالية، خصوصاً أن مشاكل لبنان لا تقتصر فقط على الإنتاج، بل التسويق والنقل من جهة، مع تشديده على أن يتم إخراج أي تقدم عبر "رباعية الناقورة".


فالمسلّمات الإسرائيلية باتت معروفة ومفهومة، وهي لن تتبدّل بطبيعة الحال مع التغيير الحكومي الذي حصل في تل أبيب وفقاً لنتائج الإتصالات غير الرسمية الأولية، التي جرت مع أركان الدولة العبرية، وستكون لنا عودة لها لاحقاً بشكل مفصّل، في وقت تعتبر فيه واشنطن أن ملف الغاز والنفط وعائداتهما، بند أساسي في خطة النهوض والتعافي الإقتصادي التي سيقدّمها العالم في رزمة الحلول التي سيقترحها، وبالتالي، ينصح المعنيون لبنان بالتجاوب لأن مصلحته تقتضي ذلك، وبطرح مطالب معقولة قابلة للتحقيق.


على قاعدة المثل اللبناني، الذي لا يُمكن إلّا أن يصحّ، تقود بعبدا بالنيابة عن الجمهورية اللبنانية معركة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. فـ"عصفور بالإيد ولا عشرة على الشجرة"... حيث الوقت يلعب لغير مصلحة لبنان ووضعه الإقتصادي، فما لن تقدمه بيروت في أي تسوية "من شغلها"، سيذهب حتماً لصالح قوى إقليمية أخرى في التسوية الأكبر... بعدما أيقن الجميع أن استراتيجيات التفاوض المعتمدة في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية، لم تقد إلاّ إلى الهزائم والنكسات، بما فيها تلك التي سُجّلت في خانة الإنتصارات، على ما يقول الشاطر حسن... "عقلك براسك بتعرف خلاصك"... قالها ميشال عون: "الأمر لي ونقطة عالسطر"... فسواء كنت ضد ميشال عون أو معه، تعالى عن الحسابات الضيقة وتناسى الخلافات الداخلية لمصلحة الإستفادة مما تبقّى وإلاّ... فزمن دفرسوارات مزارع شبعا انتهى إلى غير رجعة، وما تبقّى من طبخات سلام  وُضع على نار هادئة... من هنا، بحث بوتين وبايدن للملف اللبناني، والغاز إحدى تفصيلاته.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة